إيقاف النشاط الرياضي الكويتي في مسابقات كرة القدم الدولية من قبل الاتحاد الدولي (الفيفا) لم يكن مفاجئاً أو جديداً على الرغم من تراجع الدبلوماسية الرياضية الكويتية إلى أضعف مستوياتها منذ الاستقلال، حيث لم يقف إلى جانبنا سوى 12 من مجموع 179 دولة في العالم، أي ما نسبته 7% فقط من قوة التصويت الدولية!
قرار اجتماع المكسيك الأخير هو استمرار لإيقاف النشاط الرياضي القائم منذ عدة سنوات بحجة تعارض القوانين الرياضية في الكويت مع ميثاق وقوانين الاتحادات الدولية واللجنة الأولمبية الدولية، وبالتأكيد سوف يستمر هذا الحظر في حال بقاء الأمور الرياضية “المسيسة” في الكويت.
انطلاقاً من شعار “رزق القطاوة على الخاملات”، فقد تم استغلال الموقف السلبي للاتحاد الدولي لـ”شق الجيب” في زمن التقشف الاقتصادي وإرسال وفود رياضية “فيرست كلاس”، خاصة ممن لا يفقهون شيئاً في الرياضية لإقناع الدول الأعضاء بالموقف الكويتي المظلوم، فجاءت نتيجة هذه الأموال الطائلة أن معظم الدول العربية وأشقاءنا الخليجيين وقفوا ضدنا هذه المرة! التكسب السياسي لبعض أعضاء مجلس الأمة أخذ حقه من التصريحات النارية والتباكي بالوطنية وذرف الدموع على شبابنا المحروم من اللعب مع الكبار، والتهديد بقطع المساعدات والقروض وربما تجميد العلاقات الدبلوماسية مع “دول الضد” الجديدة، ولم يكلف مجلسنا المصون نفسه ولجنة أولوياته “المزهرية” في مراجعة التشريعات الرياضية أو حتى يضعها ضمن أولوياته طوال عمره الدستوري الذي قارب على النهاية، لأن اهتماماته كانت ببساطة تقليص المزايا عن الكويتيين ورفع أسعار الوقود وفرض الضرائب والرسوم ومباركة الاتفاقيات الأمنية وبيع ما تبقى من ثروات الكويت وممتلكاتها، فلم يتبق له أي وقت للتفكير في الشباب وهمومهم وتطلعاتهم.
الصغير والكبير والرياضي وغير الرياضي والمثقف والبسيط يعلم علم اليقين أن القضية الرياضية في الكويت هي أسيرة صراع شخصي محدود لا يتجاوز نفرين، والكل يدرك أن استغلال الرياضة سياسياً يحقق أعلى المكاسب ويبسط الهيمنة والنفوذ، والرياضة صارت أقرب وأسهل الطرق للمصالح السياسية، وطالما بقي الوضع السياسي في دائرة الصراع وكسر العظم، فـ”خلي القرعة ترعى”، وليعد شبابنا إلى ملاعب “الفرجان” من جديد، وليكن قمة طموحهم اللعب على لقب دورة الروضان في شهر رمضان، وهي البطولة الأولى شعبياً في الكويت!
إن الحالة الرياضية المتردية والتصنيف المتواضع لمنتخبنا الوطني في الترتيب 126 عالمياً وفي ذيل القائمة خليجياً لا يعدو عن كونه أحد مؤشرات الانحدار الكويتي في جميع الاتجاهات، وإذا كنا حزينين على إيقاف الكرة الكويتية عالمياً فمن باب أولى أن نحزن على مجمل أوضاعنا السياسية والاقتصادية والتنموية والثقافية والفنية وغيرها، ومفتاح الحل في كل هذه الأمور بيد الحكومة التي “إن اشتهت فعلت”، فمن الغريب أن تكون حكومتنا بالقوة والذكاء لتمرير نظام الصوت الواحد ونسف المعارضة السياسية والاستفراد بكل قرار، لكنها تعجز في الوقت نفسه عن حصد أكثر من 12 صوتاً في المحافل الدولية، مع أن هذا المحفل رياضي!