قد لا تفي هذه السطور القليلة مختار منطقة سكنية هادئة، ومجلس حيها ومجلس مدينتها الصحية، ما يستحقونه من إشادة لجهودهم الكبيرة في جعل منطقتهم صاخبة بكل ما هو جميل ومبدع ومفيد!
منذ تأسيس الكويت الحديثة، ووظيفة المختار وحتى المحافظ غير واضحة المعالم، وغالبيتهم لا يعملون شيئا، ولكن مختار اليرموك، عبدالعزيز المشاري، انفرد بإيجابية عن القاعدة وتصرف كإنسان متحضر، كاسرا كل القيود ومتجاهلا كل الروتين، دافعا بمنطقته للواجهة الحضارية، ضمن القانون، لتكون نموذجا يحتذى، ومنطقة صحية بمعنى الكلمة، والصحية هنا، حسب المفهوم العالمي، تعني أنشطة طبية بنسبة %25، وانشطة اجتماعية وبيئية وترفيهية وتدريبية تطوعية وغيرها بنسبة %75.
عندما تزور مكتب المختار، أو تتجول في المركز الصحي، الذي نال اعتراف «منظمة الصحة العالمية»، تشعر فورا أنك في بيئة مختلفة. فالنظافة والنشاط والتعامل.. كلها تشعرك ذلك. وعندما تسأل بعض قاطني المنطقة عن شعورهم بما يقدمه لهم مجلس الحي، ومجلس مدينة اليرموك الصحية، يردون بأن الخدمات بالفعل مميزة وحضارية، وهم بحاجة لها.
يقول المختار المشاري: «إن الهدف هو جعل اليرموك صحية من خلال تفعيل مشاركة الأهالي، خاصة من أصحاب الخبرة والنشاط والمحبين للعمل التطوعي، في أنشطة اجتماعية وبيئية وتوعوية، إضافة لتدريب القاطنين على الإسعافات الأولية، وكيفية التصرف في حالات الخطر، وحماية البيئة وتدوير النفيات، وأداء كل ذلك من خلال لجان تطوعية متخصصة، حتى في ما يتعلق بإصلاح ذات البين بين الأزواج، هذا غير اللجان المهتمة بتخضير المنطقة وإقامة الأنشطة الرياضية، ونشر الوعي الصحي، إما من خلال التشجيع على ممارسة مختلف أنواع الرياضة، أو الحد من تأثير الأمراض، خاصة تلك التي اصبحت من سمات المواطن الكويتي».
إن ما يقوم به مجلسا اليرموك، وجهود المختار، وإبداعات فريد الفوزان، عضو مجلس الحي، والمجلس الصحي، وجهود د. هدى الدويسان، نائبة الرئيس، نجحت في وضع هذه المنطقة السكنية على خريطة الصحة العالمية بجدارة. وبالتالي لم استطع مقاومة مقارنة إنجازات هؤلاء بما سبق ان أعلنت عنه، بإعلانات مكلفة، جهات «معروفة» من مشاريع تطوعية، لم تكن في غالبيتها كذلك، والتي أقيمت تحت مختلف التسميات الدينية، من غراس ومصابيح إخوان وغيرها، والتي تكلفت عشرات الملايين، ولكن ربما لم يستفد منها «غير القائمين عليها»!
تجربة اليرموك تستحق ليس فقط الإشادة، بل والتعميم على كل المناطق السكنية، فأمراضنا، كمواطنين وكنظام إداري، بحاجة الى تعميم تجربة اليرموك على كل مناطق الكويت، فليس من العدل الاستمرار في الاعتماد الكلي على الحكومة لتقوم بتلبية كل احتياجاتنا، وعلينا أن نقوم بنصيبنا من العمل، كمواطنين وكمقيمين، والأمر لا يتطلب غير وجود 20 مختارا من أمثال السيد المشاري، وتكرار تجربته في كل منطقة، لتصبح الكويت، التي نتغنى دائما بعشقنا لترابها، والتي كانت كريمة معنا، دولة نموذجية بالفعل.