بعد أزمة الائتمان العالمية في سنة 2008، تأثرت كل الشركات الاستثمارية وتوقفت البنوك المحلية عن اقراض تلك الشركات؛ لذلك بدأت معاناة كل الشركات الاستثمارية، وأصبحت اسهم تلك الشركات تتداول عند اسعار اقل من القيمة الدفترية، واستطاعت بعض هذه الشركات تسديد جزء من ديونها، واستمرت باقي الشركات في الترنح والاستمرار بالعمل فقط لأجل دفع الرواتب العالية لموظفيها.
لكن الخسارة الحقيقية هي فقدان ثقة المستثمرين، وأصبح المستثمر المحلي لا يثق بالمؤسسات الاستثمارية، وتتراكم اموال المستثمرين في الحسابات البنكية، واتجه الغالبية نحو الاستثمار في العقار المحلي او العالمي او العقار الوهمي؛ لذلك يواجه الجيل الجديد من قادة الشركات الاستثمارية المحلية السؤال الاصعب، والذي سيحدد مسار الاقتصاد والدولة وهو: ما العمل لاستعادة ثقة المستثمرين؟
تغيير الحرس القديم
يجب ان تكون الخطوة الاولى لأي شركة استثمارية محلية في تغيير الجنرالات القدامى، والاستعانة بالقادة الشباب، لان المجهود المطلوب لاستعادة ثقة الناس يحتاج الى طاقة عالية وأسماء جديدة لم تتلطخ في الازمة المالية السابقة.
وجود أشخاص جدد على دفة القيادة يرسل إشارة الى أن التغيير قد بدأ، وسيقوم المستثمرون بالرغبة في إعطاء فرصة جديدة والرهان على الشباب النشيط، ويستطيع الجنرالات القدامى الاحتفاظ بملكيتهم للاسهم في الشركات المحلية، لكنهم يجب ان يبتعدوا عن الشاشة والإعلام.
تقبل الخسائر الدفترية
يعتبر تغيير الادارة فرصة للقيادة الجديدة لتكوين مخصصات اكبر وتسجيل خسارة مرحلية سببها الادارة القديمة والتركيز على العمليات التشغيلية الرابحة، وتحتاج المرحلة الجديدة الى بذل مجهود كبير وتحصيل الاموال وتغيير الإدارات في الشركات الفرعية والزميلة، وعندما تكون الأرقام المالية اكثر واقعية وأسهل للفهم، سوف يميز المستثمرون القيمة الحقيقة ويقومون بشراء الاسهم مما يزيد الثقة بالشركة ويعطيها فرصاً أفضل للنجاح.
تحديد هدف المرحلة المقبلة
يجب أيضاً تحديد هدف يسعى له جميع الموظفين والإدارة الجديدة، ويكون هذا الهدف مناسباً للمستثمرين مثل تحقيق أرباح تشغيلية تعادل %20 على رأس المال أو تحقيق عائد %10 على القيمة الدفترية أو توزيع أرباح سنوية تعادل %5 من سعر السهم او تحقيق نمو في القيمة الدفترية يكون اعلى من النمو في مؤشر الاسهم.
أياً كان الهدف، يجب ان يكون واضحاً ومجدياً للمستثمرين، وقد تكون الوسيلة لتحقيق الهدف هي الوصول الى ادارة أصول بحجم مليار دينار او ترتيب صفقات بقيمة مليار دينار. ويجب وضع جدول زمني للوصول الى هذا الهدف، وعندها يقبل المستثمرون دفع مكافات للإدارة الجديدة عند تحقيق هذا الهدف.
وضع خطة واضحة
يجب وضع خطة منطقية للوصول الى الهدف، تكون هذه الخطة بمنزلة عقد جديد بين المستثمرين والإدارة.
والخطة مهمة لزيادة المصداقية وكسب ثقة المساهمين، وقد يبدأ المستثمرون في مساعدة الادارة عند وضوح الخطة، والسعي لتحقيق اهداف الادارة. والخطة تساعد أيضاً الموظفين والدائنين وكل اصحاب المصلحة من استمرارية الشركة، وهنا يتبين قدرة الادارة على البحث والمعرفة والتطبيق، اذا كانت الخطة بعيدة عن الواقع فسيكون الفشل حتمياً، وتكون هناك حاجة لتعديل الخطة من جديد، ومن المناسب ان تكون هناك مرونة مناسبة في الخطة التنفيذية.
تجنب الاستشارات المعلبة
كل شركة لها نظام عمل مختلف وظروف مختلفة؛ لذلك يجب الا تكون الأهداف او الخطط متشابهة، وهنا يجب الحذر من الاعتماد على المستشارين الأجانب الذين يجلبون خطة واحدة ويبيعونها على كل الشركات المحلية، وقد تكون اي خطة مناسبة للشركة الاولى لكن عندما تطبقها جميع الشركات تصبح فاشلة. والمثال هنا هو قيام شركة بتعيين مستشار عالمي، والذي يوصي بزيادة الاستثمار في السندات المحلية، لانها تعطي عائداً بنسبة %7، بينما العائد على العقار هو %5 والعائد النقدي على الاسهم هو %5؛ لذلك تتزاحم الشركات المحلية على السندات ثم ينخفض العائد الى %4 بسبب زيادة الطلب على السندات.
وهنا ينبغي على الادارة تغيير التوجيه بسبب تغير الظروف، الا ان اكثر المديرين يتجنب التغيير في خطة المستشار بسبب الخوف من ردة فعل المساهمين، وهذا هو سبب فشل كل الخطط التي لا تتسم بالمرونة.
آخر مقالات الكاتب:
- مجموعة الشايع نموذج نجاح كويتي.. عالمي
- إدارة الأموال العامة وضبط المصروفات
- ملاحظات على إدارة الدين العام
- تطبيق دعم العمالة على جميع الشركات المحلية
- كيف ندمر ٣٠ ألف فرصة عمل؟!
- اقتراحات إضافية لمشروع قانون الإعسار والإفلاس
- كيف نخلق 25 ألف فرصة عمل سنوياً؟
- «من شراك باعك»
- هذه هي تحديات الكويت الاقتصادية
- وقع المحظور الذي حذَّرنا منه