لا تدخل قضية سكن العمال العزاب الأجانب بالكويت في هموم المنادين بحقوق الإنسان في دولة تميز في معايير حقوق الإنسان وفق الجنسية وأصل صاحبها، وحسب وضع البشر الاجتماعي والمادي، وليست قضية هؤلاء العمال من قضايا المال العام وسرقاته اللامنتهية، وليست من مواضيع البروز الشعبي كي يتألق فيها كتاب الزوايا والمقالات الصحافية حين يستعرضون شطارتهم وحذقهم في ملامسة المشاعر العامة، وكي يردد شعب “أنا كويتي أنا “و”أنا الخليجي”، بعد قراءتها عبارة “خوش مقال… خوش كلام”.
ليست حكاية سكن العمال الأجانب سوى حكاية عابرة بصفحات الجرائد تغطي مساحة جيدة لبؤس الثقافة الإنسانية، هؤلاء العمال، ومعظمهم من البائسين الذين يقومون بأعمال ويحترفون مهناً لا يقوم بها ولا يحترفها أبناء الوطن الذين ينظرون إلى تلك الأعمال بازدراء، وبأنها لا تليق بأبناء الحسب والنسب، فهم السباكون وعمال البناء والنظافة وغيرهم في قائمة طويلة من مهن لا يمكن الاستغناء عنها مطلقاً بدول تستورد كل أمورها، من سيارات الرولزرويس إلى “كودري” غسال السيارات.
حكاية العمال الأجانب وهم بسبب أوضاعهم المالية البسيطة وقوانين الدولة، فرض عليهم تصنيف “العزوبية”، فهم بالتالي الذين يهدد وجودهم وسكنهم القيم والأخلاق السامية للمواطنين، وحكايتهم التعيسة لا تختلف عن حكايات مخالفات حظائر الغنم في كبد أو في مزارع الذباب بالوفرة.
“العمال الأجانب” كائنات غريبة، تحمل أمراضاً معدية لصحة أبناء الوطن، ولو كان ابن الوطن ذاته هو الذي “استوردهم” من الخارج كبضاعة واستهلك جهدهم الإنساني، وهو من قام بحشرهم بشقق متهالكة في مناطق بائسة تتصادف فيها “عائلات” ونساء يمكن أن تلتهمهن عيون العزاب المحرومة، ما يحرض على انتهاك فضيلة العزل الاجتماعي، وهو المواطن ذاته صاحب القيم المحافظة التي عادة لا تتناقض مع قيم الربح والتجارة في دول بني نفط، مثلما لا تتعارض جرائم استغلال النفوذ والواسطة والمحسوبيات مع القيم الأخلاقية العليا بدول المحافظين العظمى.
المسخ “غريغور سامسا” لكافكا، استنسخ منه آلاف البشر كي يكونوا العمال الأجانب بدولنا المحظية، ولابد أن تتدخل بلدية البعارين أو وزارة الكهرباء لتقطع عن سكنهم التيار، ولكي يرمى بهم على الرصيف الذي لن يستوعبهم أيضاً. لكن من يكترث لهم، ومن يهتم بقضيتهم؟، أين جمعيات حقوق الإنسان وغيرها من المدافعين عن كرامة العاملين الأجانب؟! لا أدري، قد تكون الإنسانية هنا حالة مقصورة على حقوق الإنسان، وغريغور سامسا ليس إنساناً فقد تحول إلى حشرة، ومن يكترث لحشرات المستنقعات النفطية؟!