بالرغم من الفترة الزمنية القصيرة نسبيا لتجربتنا الديموقراطية في الكويت، إلا اننا طبقنا العديد من القوانين الانتخابية، بدءا من نظام الـ 10 دوائر والصوتين والتي كانت من انجح التجارب في المشاركة السياسية لتوافقها مع حجم المجتمع الكويتي ومكوناته آنذاك.
مرورا بقانون الدوائر الـ 25 والصوتين والذي دخلت عليه تعديلات مهمة على الهيئة الناخبة كالسماح للمتجنسين بحق الانتخاب فقط، وإعطاء المرأة الكويتية حقوقها السياسية كاملة ترشيحا وانتخابا، وبالرغم من ذلك كان من أسوأ قوانين الانتخاب لأسباب عديدة منها سهولة احتكار المقاعد البرلمانية لأشخاص معينين وقبائل وعوائل محددة، كما ساعدت على انتشار ظاهرة شراء الأصوات.
ثم شهدت الانتخابات الكويتية مرحلة الدوائر الـ 5 والأصوات الانتخابية الأربعة، وأهم ما تميز به هذا النظام الانتخابي هو إلغاء الاحتكارات العائلية والقبلية للمقاعد البرلمانية كما ساعد على الحد من ظاهرة شراء الأصوات، ولكنه أوجد تجمعات سياسية غير منظمة وغير منضبطة.
وأقصد بغير منظمة – غياب الالتزام الحزبي للنواب في قضايا رئيسية أو عند تولى احد المحسوبين على تجمع سياسي معين لحقيبة وزارية، نتيجة عدم إشهار الأحزاب في الكويت.
وأقصد بغير منضبطة، بأنها كانت تعتمد في نجاحها بالبرلمان على (المعارضة السياسية) واستمالة الشارع السياسي الذي استخدمته كثيرا، وهذا لا ينفي عنها صفة الإصلاحية ولكن طبيعية القانون الانتخابي يفرض عليها اللعب بهذا الأسلوب الهجومي.
من المؤكد ان اتساع الدائرة الانتخابية يتوافق مع وجود حياة حزبية وهذا ما نفتقده في الكويت، فالنظم الانتخابية يجب ان تتوافق مع الحياة السياسية السائدة في المجتمع.
وآخر الأنظمة الانتخابية في الكويت هو نظام الصوت الواحد مع بقاء الدوائر الانتخابية الخمس!
من الواضح ان هذا النظام الانتخابي لم ولن يؤدي الي وجود أغلبية برلمانية متجانسة تعكس التمثيل الحقيقي للقوى السياسية والاجتماعية في المجتمع وهذا من أهم مقاصد الديموقراطية.
فاحترام حقوق الأقليات لا يعني أن تمثل في البرلمان بأكبر من حجمها الطبيعي.
ومن سلبيات الصوت الواحد انتشار الطائفية والقبلية بصورة أقبح من السابق، فالطائفية انشطرت الى مرجعيات عدة تتنافس على الكرسي البرلماني بخطاب أكثر تطرفا.
والقبلية انحدرت الى مستوى العشائرية الأكثر والتي تزداد تمزيقا للمجتمع.
ختاما – نحن بحاجة الى إعادة النظر في نظامنا الانتخابي واختيار قانون يناسب مجتمعنا، فإما ان نختار نظام الدوائر الكبيرة والقوائم النسبية، او نظام الدوائر الانتخابية الصغيرة جدا بحيث تقسم الدوائر الانتخابية بعدد المقاعد البرلمانية، وكلا النظامين يحققان العدالة للأغلبية والأقليات.
هناك دليل عالمي للانتخابات تصدره المؤسسة الدولية للديموقراطية والانتخابات، انصح الحكومة بالإطلاع علية لاحتوائه على انواع عديدة من قوانين الانتخاب – من المؤكد – ليس من بينها قانون الصوت الواحد لدائرة انتخابية كبيرة لها عشر مقاعد في البرلمان!
يجب ان نكف عن اختراع القوانين الانتخابية غير المجدية والتي حولت مجلس الأمة الكويتي الى فسيفساء سياسية اجتماعية غير فعالة ولا تعكس التمثيل الحقيقي للقوى في المجتمع.
ملاحظة: الفسيفساء هي مجموعة عناصر متباينة أو مختلفة موضوعة جنبا إلى جنب وتؤلف وحدة ظاهرية.
٭ شكر خاص للدكتور عاهد ابو ذويب أستاذ النظم السياسية في جامعة آل البيت في المملكة الاردنية الهاشمية، للمعلومات القيمة التي استفادت منها هذه المقالة.