خمس سنوات مرت ومأساة الشعب السوري مستمرة و”حلب تحترق”، لا شيء تغير. حتى الصور المتكررة تأخذ صداها في أيام معدودات وتعاود السبات من جديد. ولأن الرأي العام العالمي مهم جدا في إبراز الصورة والوصول بها إلى تظاهرات عالمية ترفع للمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، فإن دور الإعلام لا يستهان به أبدا. بين رواية النظام ورواية الضحايا، كان الرأي العام العالمي يخوض دوامة نقل إعلامي مهنية. غني عن الذكر أن جهات إعلامية داعمة للنظام سعت إلى تقديم صورة مغايرة تماما، وهم ببدهية الإعلام الإيراني وأذرعه والإعلام الروسي واللبناني التابع لـ «حزب الله» وبطبيعة الحال الإعلام الرسمي للنظام.
كثير من الصحافيين الأجانب في الصحف الغربية تفاعل مع “هاشتاجات تويتر” التي وصلت إلى العالمية لتغطية الحدث، وهي “هاشتاجات” دعمها بدرجة أولى مصريون وسعوديون وعرب. أحداث باريس وبروكسل طازجة تذكرنا بردود فعل العالم الكثيفة حيال القضايا. لذا فقد جاءت ردود الفعل المحلية من السوريين والعرب المتعاطفين غاضبة ومحبطة بعض الشيء. وقد جاءت تغطيات محطات وصحف أمريكية شهيرة كـ CNN و”فوكس نيوز” و”نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” و”واشنطن بوست” مقنعة إجمالا، وإن كانت تغطية “نيويورك تايمز” مكتب القاهرة مرتبكة بعض الشيء بين خط الحياد وخط تقديم الحقائق الإنسانية. “ديلي بيست” الأمريكية بدورها أظهرت في تغطية جيدة تلاعب الإعلام الروسي والسوري الإعلامي الذي أبرز صورة مغايرة للحقيقة بتمييع المجازر وكأنها مناوشات بين النظام والثوار وجبهة النصرة، لا سيما روسيا اليوم.
وأظهرت صحف بريطانية عامة تغطيات جيدة كـ “الجارديان” و”الإندبندنت”. إلا أخطاء تغطيات BBC البريطانية كما “دويتشه فيله” الألمانية و”فرانس 24″ و”فرانس برس” في تقارير أولية لمراسليها أربكت الإعلام بتماهيها مع أخبار النظام. بين السقطات والتقارير المطعمة، حذفت BBC فيديو مغلوطا وقدمت اعتذارا لاحقا بحق الصور، إضافة لـ “برومو” استهدمت فيه “هاشتاج” يستخدم من قبل مؤيدي النظام. ثم توازنت التغطيات لاحقا بين عرض أقوال النظام وأقوال الثوار/ المعارضة. وبين “تويتر” و”فيسبوك” ثمة معركة إعلامية أخرى. وقد مارس ناشطون ضغطا على صفحة مؤسس فيسبوك طالبين منه تفعيل ميزة اللون الأحمر على الصور تضامنا مع حلب، وهي الميزة التي تم استخدامها إبان تفجيرات باريس وبروكسل. الأمر الذي اضطر زوكربيرج إلى الرد برسالة على إحدى المعلقات السوريات، فقال “سيقوم فيس بوك بتقديم الدعم والتغطية الإعلامية لإنقاذ حلب، وأيضا التواصل مع الأمم المتحدة ومكاتب اليونسكو…”.
وفي الإعلام العربي أيضا من تجنى كبعض الإعلام المصري الذي يأخذ أحيانا خط الدفاع وتحميل المعارضة ما يحدث في سورية، باستضافة رموز داعمة من فنانين مؤيدين للنظام السوري. هل تقدم وسائل الإعلام العالمية في تغطياتها المضللة للرأي العام موقفا سياسيا أو سياسة إعلامية تجاه الأحداث؟ لا يبدو ذلك رسميا لا سيما أن موقف بريطانيا وفرنسا وبلدان أوروبية سياسيا واضح في الوقوف في صف الشعب السوري، وأوروبا ليس لديها موقف سياسي ولا تستطيع الضغط في ملف سورية وهي غارقة في موضوع اللاجئين.إذن هل المشكلة في المراسلين لا سيما العرب منهم الذين يتبنون آراء مسبقة؟ إنها مسؤولية كبيرة يضطلع بها النشطاء والعرب المتعاطفون في وجه ماكينة إعلامية دولية، تشجع على أهمية إيصال الحقائق للشعوب، ضد هذا التشويه الإعلامي أيا ما يكن المسؤول عنه. الفشل الإعلامي يوضح الفشل الذي يحدث في ملف سورية، فالإعلام هو من يخوض المعركة ضد إرهاب النظام السوري وجرائم الحرب التي تضاف إلى قائمته الطويلة.