كي تعرف مستوى الأزمة الكويتية، وأين وصل الحال في الكويت، عليك أن تلتقط بعض التفاصيل الصغيرة، التي لا تظهر على الصفحات الأولى في الصحف، ولا تُذكر في نشرات الأخبار، ولا تتطرق إليها جلسات المجلسين، الوزراء والأمة، ولا يعلمها غالبية الناس. توصيف الأزمة الحقيقية وتوضيحها قد تجدهما في ثنايا كلمات المغردين في “تويتر”، أو في مقطع تم تصويره بالهاتف النقال، وتداوله الناس، أو تغافلوا عنه.
على سبيل المثال، يكتب مغرد: “ذهبت إلى مركز خدمة المواطن لتجديد دفتر سيارتي، ولم أتمكن من إنجاز المعاملة لعدم توافر دفاتر سيارات في قسم المرور”. أو عندما تلتقط مغردة صورة لقاعة الانتظار في أحد المستشفيات، مكتظة بالناس بشكل مرعب، وتكتب تعليقاً قصيراً “كل هؤلاء يعالجهم طبيب واحد فقط”، أو عندما يتذمر وزير التعليم العالي أمام الطلبة: “كيف أتمكن من فتح الكورس الصيفي وليس لدي ميزانية؟”. يقول ذلك وهو على وشك البكاء، كبدي عليه، ونحن مثله على وشك البكاء، لكننا لن نبكي قبل أن يبكي هو، من باب الاحترام والتقدير لمعاليه.
ويقوم مغرد بتصوير مقطع فيديو للحصى المتطاير في الشوارع، ويزعم أنه قام بتبديل زجاج سيارته مرتين. وتقوم مجموعة من الشباب بتصوير وهن بيوتهم التي تسلموها من وزارة الإسكان، ويكشفون الغش، المكشوف أساساً، وفي أصواتهم غضب وقهر.
بهذه الأمور وغيرها، تعرف مستوى الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها، إن وضعنا في اعتبارنا ثراء الدولة الفاحش، ونثرها للأموال على خريطة العالم.
وليس أمام الحكومة، في ظل ما يحدث إلا أن تسارع بالإعلان عن إقامة أوبريت فاخر فاره، أوبريت من الأوبريتات التي يشار إليها بالبنان، لترضي مواطنيها من فئة عشاق الرقص والغناء، قبل أن تأمر وعاظها بضرب المعارضة الملعونة التي تعكر طمأنينة البلد وتشوه صورة المسؤولين. ثم تنشر عشاقها في القنوات الفضائية وهم يرتدون العلم الكويتي ويضعون صور المسؤولين على صدورهم… فوراً وفي الحال.
لكل مشكلة حل، وهذه هي المشكلة، وهذا هو الحل. والسلام عليكم.