جلست مع مسؤول في ديوان المحاسبة، وتحدثنا عن ابرز قضايا الفساد والتجاوزات على المال العام، التي يشيب لها الرأس، وتطرق أثناء حديثه إلى قضايا «الرشاوى» في بعض ادارات ومؤسسات الدولة التي تحوم حولها الشبهات.
وأثناء الحديث.. أكد لي أن شكاوى كثيرة وردت من قبل أشخاص يعملون في إدارات ومؤسسات حكومية إلى ديوان المحاسبة، أبلغ فيها المشتكون عن وجود رشاوى مادية وعينية، تقدم من قبل مراجعين إلى مسؤولين وموظفين مقابل انجاز معاملات خاصة بهم، كما أن هناك وسطاء من بعض العمالة الوافدة لإتمام عملية الاتفاق، ومعظم بلاغات الرشاوى جاءت ضد بعض الإدارات الحكومية الحيوية المعروفة بإنجاز المعاملات.
وأثناء حديثه عن قضايا الرشاوى، أكد أن الكشف عن قضايا الرشاوى ليس بالأمر الهين، وهنا كنت أسأل نفسي بصمت، هل الـ 35 ألف رخصة قيادة المزورة والمأخوذة بغير وجه حق التي تحدث وكشف عنها اللواء عبدالفتاح العلي من قبل عام في وسائل الاعلام.. كانت تقدم كخدمة إنسانية مثلا؟ وهل منح الإقامات بأرقام خيالية غير منطقية لبعض الشركات الوهمية والفعلية جاءت ضمن حقوق الإنسان مثلا؟ وهل ما تسمى بالاستثناءات غير القانونية لبعض المعاملات جاءت.. كصدقة لله؟.. وهل.. وهل، التي لا تنتهي محطاتها لكثرة تجاوزاتها.
وقطعت حديثه، وسألته: كل هذه الشكاوى التي قدمت لكم.. ماذا فعلتم أنتم كجهة رقابية؟ فأكد ان ديوان المحاسبة طلب من الإدارات الداخلية في الإدارات المختلفة في وزارات ومؤسسات الدولة، تفعيل الدور الرقابي الداخلي، وتم التركيز على الأماكن التي تحوم حولها الشبهات، التي يجرمها القانون خاصة التي يعتبرها البعض عمولات والتي جرمها القانون رقم 25/96 الصادر من مجلس الأمة والذي يتعلق بالكشف عن العمولات.
بعدما سمعت كارثة الرشاوى، تألمت على أوضاع بلدي التي جاءت نتيجة غياب تطبيق القانون فضلا عن انعدام الضمير لدى هؤلاء المرتشين، وللأسف مع كل تلك الفوضى أصبحنا فيها مثل الأعمى الذي فقد عصاه، واثناء تفكيري بالمشكلة، وجدت الحل سهلا جدا اذا ما ارادوا كشف تلك الرشاوى و«الراشي والمرتشي»، والحل يكمن في تشكيل لجان مختصة من قبل ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد في الادارات والمؤسسات الحيوية، مهام هذه اللجان، هي مراجعة وفحص كل المعاملات اليومية التي تنجز بشكل شهري، ومن خلال هذا الفحص أمر طبيعي ان تنكشف المعاملات غير القانونية التي تثار حولها الشبهات، وهنا تسهل عملية معرفة اسماء المتجاوزين على القانون، والحقيقة ان مجرد الاعلان عن تلك اللجان في وزارات ومؤسسات الدولة، سيحد من ظاهرة الرشاوى خوفا من كشف المستور.
أقولها بألم، حتى ينصلح حالنا، علينا ألا نستسلم إلى مشاكلنا بتجاهلها، لذا علينا جميعا مسؤولية حماية بلدنا من تلك الفوضى، فعلى كل مواطن في مقر عمله أن يحارب الرشاوى والراشي والمرتشي بالإبلاغ عنهما للجهات المسؤولة والأمنية لتنظيف الادرات الحكومية من تلك الاوساخ، وهذه تعتبر مسؤولية وطنية تجاه وطن يعاني من تجاوزات المتمردين.
٭ محطة شكر وباقة ورد: نهديها إلى كل موظف في ادارات ومؤسسات الدولة حريص على المال العام وعلى حسن تعامله مع المراجعين.
٭ محطة عتب وباقة شوك: نقدمها لكل موظف او مسؤول ساهم او شارك او تستر على عمليات الرشاوى.