اشتهر الفنان سعيد صالح بقفشاته التي أصبحت مع الأيام أمثلة شعبية يتغامز بها المصريون. ومن تلك القفشات مقولته: «انا عايز انحرف.. بس مش لاقي اللي يوجهني».
كانت أمنية سعيد صالح، في المسرحية، ان يشتغل في مرقص ويفتح زجاجات الخمر للزبائن.. وكان يرى ذلك أعلى درجات الانحراف الاخلاقي! كان ذلك في الثمانينيات، وكانت المسرحية تسلط الضوء على انحراف الأبناء، الذين لم يتعودوا ان يقول لهم أحد كلمة «لأ»، وكانوا حريصين على ان يبقى انحرافهم بعيدا عن رقابة.. الأب!
«العيال كبرت»، بعد ان تربوا على العز والدلال وعلى ان تكون طلباتهم مجابة.. في الحال!
٭٭٭
بطاقة كتب عليها «زين»، وأخرى كتب عليها «بيتك».. قرر الأولاد الجشعون ان يضماهما الى لعبة الـ«مونوبولي»، التي لا يجيدها الا أبناء الذوات.
أصبحت لعبة «المونوبولي» الآن أكثر اثارة، والمنافسة محمومة بين العيال على «تكويش» ومن ثم «تكييش» أكبر قدر ممكن من.. البطاقات!
شروط اللعبة.. ابحث عن البطاقات المدرة للأرباح، ومن ثم ابدأ بالصياح، ورافس بيديك ورجليك، حتى يرضخوا لك ويعرضوا البطاقة للبيع بدواعي.. «الخصخصة» وعدم التفرغ.
٭٭٭
لعبة «المونوبولي»، لمن يجيدها، هي لعبة ممتعة للكبار قبل الصغار، فتجد على سبيل المثال الخال يشرح لابن أخته كيفية تحقيق ثروة خرافية، من خلال مشاريع الدولة وأموال البنوك، ودون ان يجازف بشيء من أمواله الخاصة، ويشدد عليه بأنه اذا تعلم أصول لعبة «المونوبولي»، كما تعلمها خاله من قبله، فسيكون ابن الأخت دائما هو الغانم!
.. ويا بخت كل ولد أخت «يلاقي اللي يوجهه».
٭٭٭
ابليس ما يتسلط على ابن آدم، ويجعله يسيء الظن بالآخرين.. الا في أوقات الشدة!
وقد تعرضت شخصيا لوساوس الشيطان أخيرا، حتى أسأت الظن ببعض الكويتيين «الأصليين»، ولا حول ولا قوة الا بالله.
كنت أحدث نفسي، وأنا أستحم تحت «الشاور»، فأقول متسائلا: «هل؟.. كيف؟.. تقوم الدولة ببيع أصول مدرة، وهي في أمس الحاجة للكاش.. في ظل شح السيولة لديها نتيجة الانخفاض الحاد بأسعار النفط؟!».
ولأن السالفة فيها «لحمة ضب»، قمت بالبحث والتحري على موقع سوق الأوراق المالية، فوجدت اسم شخص أعرفه، يملك حصة خرافية في شركة اتصالات. ووجدت اسم قريب له وقد غنم مقعدا في مجلس ادارة بنك محلي.
بعدها بدأت أربط الكلمات المتقاطعة، وأجمع واحد زائد واحد، لأكتشف ان الجواب يساوي اثنين.. وأن حصة العائلة زائد الحصة التي يمكن ان تبيعها الدولة، بثمن بخس دارهم معدودة، ستجعل من هذا ومن قريبه ذاك، الآمرين والناهين في شركة الاتصالات وفي البنك المحلي، وستملك العائلتان القطعة الكبرى من.. الكيكة!
عندئذ، تذكرت مقولة السفيرة الأمريكية: «ان الكويت لن تبقي لسنة 2020، حيث ان القائمين عليها وأعيان البلد مشغولون بنهب ثرواتها كأنها دولة مؤقتة».
٭٭٭
سمو الشيخ جابر المبارك، جزاه الله عنا وعن أمة الاسلام كل خير، بدد كل هذه الوساوس، حين صرح لصحيفة محلية بأنه وحكومته مؤتمنين على المال العام ولن يفرطوا فيه أبدا.
كما نزل كلام سموه بردا وسلاما على قلوب أهل الكويت حين قال: «وأما بالنسبة لأسعار النفط، فأرجو من المواطنين ألا يصابوا بالرعب والهلع نتيجة الانخفاض الحاد، فقد احتطنا لمثل هذه الامور منذ زمن طويل، ونوّعنا مصادر الادخار والدخل استعداد لمثل هذا اليوم».
عندها فقط استعذت بالله من كل شيطان رجيم، وشكرت الحظ الذي رزقنا بعقلية فذة مثل سمو الشيخ جابر المبارك.. أو كما وصفته الصحيفة، قائلة: «هو الرجل الذي أمضى جل عمره في التنقل بين مناصب الخدمة العامة لا ينفصل لحظة عن هموم أهل البلد وشؤونهم وشجونهم وآمالهم، على الرغم من قناعته بأن رضا الناس غاية لا تدرك».
يشعرك ان الناس هم «معيار الرقابة» في أي قرار أو توجه يتخذه.. وأنه يتحدث معك بلسانهم. يحاور بشفافية مطلقة.. لا يبيع الناس أوهاما أو يزرع أحلاما وردية.. انما في الوقت نفسه لا يبخس الانجازات.
ولأنه يؤمن تماما بأن رئاسته لمجلس الوزراء تكليف لا تشريف، تجده يحاول بكل ما أوتي من قوة وضع القطار على.. السكة الصحيحة».
.. ولا نملك بعد هذا الوصف الدقيق لمناقب سموه الا ان نردد.. «يا كويت عزك عزنا».
٭٭٭
سمردحة: العيال كبرت وزادت طلباتهم.. لكنهم غاليين والطلب «همبة».. ولو الكويت ذبيحة ما عشّتكم!