وصلنى من صديق مقطع فيديو لتلميذ يقرأ سورة «الفاتحة» وحين أخطأ في جزء واحد منها صرخ وقال بالإنجليزية: «يا سيدنا المسيح..انقذنى»!!
هذا الولد يقترب من السابعة من عمره، وهو بالتأكيد مسجل في مدرسة أجنبية، وقد سبق لى أن تطرقت إلى هذا الموضوع قبل سنوات وكتبت عنه، لكن المشكله -عندنا في الكويت- ان العلة موجودة في الذى لا يقرأ!!
الأسرة الكويتية تتفاخر أن ولدها في «الإنجلش-سكول»، أو «الأميركان» أو «الفرينش»..إلى آخره، والذى يحدث هو ان هذه الدماغ الصغيرة للطفل تعيش في حضارتين متضادتين، تلك التى وصفهما الشاعر الإنجليزى الحائز على نوبل «روديارد-كيلنغ» حين قال: «الشرق شرق، والغرب غرب..ولن يلتقيا»!!
يذهب الطفل إلى المدرسة الأجنبية من السابعة صباحاً وحتى الثالثة بعد الظهر، فيتعلم ويدرس ويفكر بطريقة غربية فيها «سهالات» فيعود إلى البيت ويعيش في عالم «صعوبات» من الثالثة عصراً حتى السابعة من صباح الغد!!
يسمع والده يتحدث عن جرائم داعش، ويسمع والدته تصرخ من جرائم «القاعدة»!
يفتح التلفزيون فيشاهد نبيل العوضى يقول إن «العلمانى يضاجع شقيقته»، فيدير المحطة إلى أخرى فيشاهد محمد العوضى يقول إن.. «غيرالمحجبة إمرأة عاصية»، فيتذكر ان مدرسته الأجنبية غير محجبة لكنه يراها «أبلة جميله وحنونه وعطوفه وطيبه»، فكيف يريدها هذا الداعية أن تذهب إلى..جهنم؟!
باختصار شديد، فإن الأسرة التى ترسل ولدها إلى مدرسة حكومية ترحمه رحمة كبرى من تلك النار التى يعيش فيها تلميذ المدرسة الأجنبية!!
التلميذ الحكومى -على الأقل- يعيش في ذات الحضارة الشرقيه «المظلمة» صباحاً وحين يعود إلى المنزل بعد الظهر وحتى صباح اليوم..التالى!!
في السعودية، أنشأ الأمير محمد بن نايف ولى العهد ووزير الداخلية إدارة خاصة اسمها «المناصحة» تهتم بالشباب السعودى الذى انحرف عن الطريق السوى وتبع بن لادن والبغدادى والظواهرى وعبدالله عزام وتأثر بأفكار مجانين الصحوة التى نبتت في شبه الجزيرة العربية كقرون الشيطان منذ عام 79 مع بداية ظهور فكر «جيهمان العتيبى التكفيرى وجماعته»!!
فكرة «المناصحة» جميلة ورائعة وسبقتها في مصر خطوة مشابهة تمثلت في برنامج تلفزيونى اسمه «ندوة للرأى» حيث يؤتى بهؤلاء المخابيل من السجون ليحاورهم كبار العلماء ويناقشونهم في مفاهيمهم حول الدين والجهاد والتكفير..إلى آخره!!
هناك ثغرة -وثقب أسود- في فكرة «المناصحة»، السعودية أكبر من قرص الشمس تشبه تلك الثغرة الموجودة في إرسال الطفل إلى مدرسة أجنبية داخل مجتمع شرقى، إذ انك تناصح هذا الشاب وتعيد له عقله، لكنه -في النهاية- هو ابن بيئته، ولن يغادر بعد «المناصحة» إلى الدنمارك أو السويد أو النرويج، بل سيعود إلى «بريده» و«سكاكا» و«عرعر» و«شروره»، ويلتقى بذات الشخوص والمشايخ الذين حشوا دماغه بكل هذه القنابل عن بلده ومجتمعه ودينه!
«المناصحة» كأنها تنتشل شاب وقع في حفرة مليئه بالطين، فتأخذه وتنظفه وتعطيه ملابس جديدة وشماغاً جديداً ومشلحاً مكوياً، ثم..تتركه يعود إلى الطريق ذاته المؤدى إلى..حفرة الطين!!
يقول الرئيس البوسنى السابق «على عزت بيغوفتش»: «لا تقتل البعوض، بل اردم المستنقعات»!!
لذلك، فإن «المناصحة» يجب أن تتركز على «الدودة-الأم» والتى هي هؤلاء المشايخ الذين يدمرون عقول شباب السعودية والكويت وبقية دول الخليج والعالم العربى والإسلامى بأفكارهم المتشددة!
الشباب المغرر به هم «البعوض»، لكن «شيوخ جهنم» هم..«المستنقعات»!!