في معمعة الانتخابات يكثر الكلام بخيره وشره، الحسن والسيئ، الذم والمدح. وعندنا في الكويت انتشرت ظاهرة الفجور في الخصومة خلال السنوات الاخيرة، واستُغلت وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الإشاعات والأباطيل عن الخصوم، ولعل الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) من أكثر الكيانات التي عانت هذه الأمراض، حيث مارس خصومها معها الفجور في التعامل لدرجة الكذب الصريح مصداقاً للمثل «إذا لم تستح فقل ما شئت».
ويبدو أن مشاركة «حدس» في الانتخابات المقبلة أقلقت الكثير من خصومها، لأن وجودها في الساحة السياسية أو تحت قبة البرلمان سيكشف المواقف المتخاذلة للكثيرين الذين يتسترون خلف التصريحات الإعلامية والبطولات الهلامية!
يتساءل البعض عن موقف «حدس» من الحكومة، وهل ستكون في صف المعارضة أم في صف الحكومة؟! وهذا البعض إمّا أنه يجهل الحركة وتاريخها، وإمّا أنه متأثر بالتشويه المتعمد للحركة في الإعلام، وإمّا أنه أداة من أدوات هذا التشويه.
الحركة الدستورية الإسلامية حركة سياسية تتبنى الفكر الإسلامي في مشروعها والتوجه الوطني في خطابها، وتراعي المصالح الشعبية في طروحاتها، فهي خط سياسي معارض، لكنها معارضة متزنة عاقلة تبتعد عن التأزيم وسياسة كسر العظم، لا تتبنى الخطاب الاستفزازي، لكنه خطاب قوي وصريح، تجدها مع المشروع الحكومي متى ما كان هذا المشروع يصب في مصلحة الوطن والمواطن، وتجدها ضد التوجه الحكومي متى ما وجدت فيه ضرراً للوطن والمواطن. من المتوقع للحركة، مهما كان عدد ممثليها، أن تكون ضمن قيادة معارضة حكيمة، تبتعد عن استفزاز الخصم لتعطيه فرصة ليعود إلى رشده، وإلا عندها سيكون آخر الدواء الكي! لن تخرج عن الأعراف البرلمانية ولا عن أصول اللعبة السياسية، ولن تضع رجلاً مع المعارضة وأخرى مع الحكومة، بل ستكون واضحة في مواقفها؛ لأنها حركة ذات مبدأ وخلفها الآلاف من الاتباع الذين يراقبون أداءها لمحاسبتها، لذلك أؤكد للقراء أن الحركة لن تكون في جلباب الحكومة مهما كانت الظروف. أمّا الحديث عن المعارضة العاقلة فيحتاج إلى وجود حكومة عاقلة وذات منهج وبرنامج تحترمه وتلتزم به، وغيابه من أهم معوقات مبدأ التعاون مع معظم الحكومات السابقة. أمّا موضوع المشاركة في الحكومة القادمة فأشك أن تفكر الحركة في ذلك، لان الظروف المحلية والإقليمية تجعل المشاركة انتحاراً سياسياً، خصوصاً أننا نعرف جيداً طريقة إدارة العمل الحكومي!
البعض بدأ بتشويه صورة الحركة من الآن بتوجيه سؤال غبي مفاده «هل ستصوتون لمرزوق الغانم بالرئاسة؟»، وهذه أول مرة أسمع فيها سؤالاً بهذا الشكل وفي هذا التوقيت، فنحن ما زلنا لا نعرف من سيفوز من مرشحي الحركة ومؤيديها، ولا نعرف من سيترشح للرئاسة من الذين سيفوزون في الانتخابات المقبلة، ولا نعرف تشكيلة مجلس الأمة القادم وحصيلة النواب الوطنيين والإسلاميين والمستقلين، فالتساؤل حول هذا الموضوع غباء والأغبى منه الإجابة عليه!