الصيف جمعه أصياف، ولأمر ما تحتدم الأمور وتشتد سياسياً في أصياف الكويت أكثر من أشتائها. هل هي درجة الحرارة؟ وهكذا ظهرت أزمة الكويت في ١٩٦١، واستقلالها، وكذلك غزوها، كما كان حل مجلس الأمة مرتين بأدوات غير دستورية في ١٩٧٦ و١٩٨٦، كلها كانت أحداثاً صيفية. والآن اشتعلت أزمة سياسية دون سابق إنذار بسبب قانون الإعدام السياسي الذي أصدره مجلس الأمة مؤخراً في الصيف أيضاً.
إذاً أصياف الكويت على عكس ما يفترض تتجه للسخونة السياسية، لتتوافق بذلك ربما مع سخونة الجو وارتفاع درجة الحرارة.
بعد أيام من إعلان الاستقلال في ١٩ يونيو ١٩٦١، أعلن رئيس الوزراء العراقي عبدالكريم قاسم بطلان تلك الخطوة على أساس أن الكويت تابعة للعراق. فكيف تصرف الشيخ عبدالله السالم؟ تحرك على ٤ مستويات، الأول إقليمي عربي، والثاني دولي، والثالث داخلي، والرابع عملياتي على الأرض. فعلى المستوى الإقليمي حققت الكويت نجاحاً كبيراً في قبولها بعضوية الجامعة العربية، بغض النظر عن رفض العراق لذلك وتجميد عضويته، وعلى المستوى الدولي، لم تنجح الكويت في تحقيق مرادها، حيث تم رفض عضويتها في الأمم المتحدة بسبب استخدام الاتحاد السوفياتي حق النقض الفيتو ضد عضوية الكويت مرتين. وعلى المستوى الداخلي فتح الشيخ عبدالله السالم قنوات اتصال، وأبرم توافقات مع القوى السياسية الرئيسية، وأشركها في تعزيز استقلال الكويت خارجياً وداخلياً. أما على المستوى العملياتي فقد طلب من بريطانيا المساعدة العسكرية، واستجابت لذلك الطلب بعملية عسكرية أطلق عليها عملية “فانتج”. أثار دخول القوات البريطانية الكويت إشكالات كبيرة وجدلاً واسعاً، وبالذات في اصطدامه المباشر مع مكافحة الاستعمار في حقبة التحرر العالمي من ربقة القوى الاستعمارية.
وصلت القوات البريطانية، بقيادة وحدات متخصصة في الجيش البريطاني، يطلق عليها اسم “جرذان الصحراء”، وهي وحدات مدربة على حرب الصحراء وشدة حرها، إلا أن حر الكويت لم يكن بحسبانهم، ولا أظنهم قد تدربوا على مثله، وهكذا سقط العشرات من جنود الجرذان بضربة شمس قاضية، تم نقلهم على أثرها للمستشفى للعلاج.
لدخول القوات البريطانية تفصيل آخر سنعود إليه، ولكن لحل إشكالية وجودهم، كان هناك حل سياسي يتم إبرامه، فكان أن خرجت القوات البريطانية وحلت محلها قوات عربية، وللحديث بقية.