رغم حقيقة وجود مناطق قطبية ذات اوقات غير منتظمة يعلم بها علماء المسلمين منذ قرون ويصل بها النهار الى ما يقارب 24 ساعة، ورغم ان السفر بالطائرات قد بدأ منذ ما يقارب القرن، ومركبات الفضاء منذ ما يقارب 6 عقود، إلا ان المجمعات الفقهية الاسلامية لم تصدر فتاوى متفقا عليها لكيفية صلاة وصيام من يسكن تلك المناطق النائية او يستخدم وسائل النقل تلك، وما صدر به احيانا تباينات بين الفتاوى كونها صدرت دون مشورة اصحاب الاختصاص من العاملين في مجال الطيران او الفضاء.
***
من ذلك صدر في مجال مواقيت افطار الصائمين على الطائرات فتويان متعارضتان لشيخين جليلين يحملان شهادة الدكتوراه في مجال الشريعة، الاولى يرى الشيخ الجليل من خلالها ان الطائرة ليست مستقرا دائما للمسافر لذا فعليه ان يفطر على توقيت المدينة التي تحلق فوقها الطائرة واشكالية هذه الفتوى ان هناك من سيفطر والشمس ساطعة على الطائرة وحقيقة ان الطائرة تحلق بالمعتاد لساعات طوال فوق المحيطات والصحاري الشاسعة التي لا يعرف توقيت الافطار فيها ما يؤجل الافطار لساعات طوال حتى التحليق فوق مدينة يعرف توقيت الافطار او الامساك فيها.
***
في المقابل يرى الشيخ الجليل الاخر ان الطائرة هي مستقر المسافر لذا عليه ان يفطر فقط متى ما غابت الشمس عن الطائرة ولا يجوز بالتبعية الافطار على توقيت المدن والبلدان التي تمر فوقها الطائرة كونه افطارا لا يصح والشمس ساطعة، والاشكال في هذه الفتوى هو ان الصائم لو اقلع من مدينة كجدة سيحل الافطار فيها بعد نصف ساعة على سبيل المثال متجها غربا الى لوس انجيليس فإن الشمس ستبقى ساطعة بعد الاقلاع للخمس عشرة ساعة اللاحقة لاسباب فلكية معروفة.
***
الامر كذلك في دول التوقيت غير المنتظم كحال شمال روسيا وفنلندا والسويد والنرويج والدانمارك وايسلندا وكندا والولايات المتحدة.. الخ،
وجميع تلك الدول والمناطق يسكنها آلاف المسلمين، ففتاوى الصيام حتى غروب الشمس تعني صيام 23 ساعة او ما يقاربها لمدة شهر وهو امر يقارب الاستحالة حفاظا على النفس من الهلاك والافتاء بأن عليهم ان يصوموا ويفطروا على توقيت اقرب بلد اسلامي تشوبه اشكالية ماذا اذا كانت القرية او المدينة اغلبها مسلمون؟ ثم ما تعريف اقرب بلد اسلامي؟ اي هل هو البلد الذي تقطنه اغلبية مسلمة رغم علمانيته مثل البانيا ام البلد الذي يحكم بأحكام الشريعة؟ وفي الحالتين الاخذ بتلك الفتوى يعني الافطار والشمس ساطعة وقد يكون الافضل – والله اعلم – لتلك الاشكالات ومثلها اشكالات مسافري مركبات الفضاء مستقبلا للكواكب السيارة حيث لا شمس ولا قمر، هو ان تحدد المراكز العلمية الاسلامية مواعيد ثابتة للصلوات المختلفة تستخدم في المناطق النائية والمركبات كأن تحدد صلاة الفجر بالساعة 6 صباحا، والظهر 12 ظهرا، والعصر الساعة 4 والمغرب 6 مساء والعشاء الساعة 8، والامر غير مستغرب فمواقيت الساعة لتحديد مواعيد الصلاة والصيام تستخدم طوال العام فلا احد يقيس ظل العصا او التمييز بين الخيطين الاسود والابيض لتحديد المواقيت.
***
آخر محطة: الدين يسر لا عسر، ورب العباد يعلم بتلك الاشكالات منذ ان خلقت الارض، وقد سخر لعباده الساعة والمناظير والحسابات الفلكية وقبلها العقول لايجاد الحلول المنطقية لها، ومادمنا نستخدم تلك العلوم باقي اشهر السنة، فلماذا لا نمد استخدامها للشهر الفضيل بدلا من التباينات التي تبدأ كل عام مع بدئه؟!