من المتوقع بعد قرار الحركة الدستورية الاسلامية (حدس) المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، أن يبدأ خصومها، الذين أزعجهم هذا القرار وعكّر مزاجهم، أن يشنوا حملة إعلامية ممتلئة بالافتراءات والأباطيل عليها وعلى رموزها وشبابها، تهدف إلى تشويه السمعة ومنعها من تحقيق أي مكاسب سياسية محتملة.
مشكلتنا مع بعض خصومنا أنهم لا يخجلون من ممارسة هذا الأسلوب الدنيء، ومن تكراره. ولعلكم تذكرون ما أثير عن التيار من تكسّبه السياسي عام 1976 بمشاركته في حكومة الحل، علماً بأن التيار الوطني كان مشاركاً بخمسة من رموزه في الحكومة نفسها! ومع هذا، لا يزالون يكررون هذا الافتراء!
ومن الأباطيل التي يكررونها في كل مرة ما اتُهم به كاتب المقال من حيازته مناقصات بالملايين بغير وجه حق، ولمّا طالبنا بالدليل في تحدٍ غير مسبوق، أخرجت لنا إحدى النائبات أوراق مناقصة بالباطن لتركيب شبرات مخازن لإحدى الشركات، وكانت النتيجة أن اشتكينا على تعديها وافترائها علينا وصدر لنا حكم قضائي ضدها.
اليوم، يكررون التهم نفسها بأن الحركة تهدف من وراء عودتها للمشاركة إلى التكسّب من الحكومة، ويتناسون حقيقة دامغة أنّ جميع مواقف الحركة منذ دخولها المعترك السياسي إلى اليوم واضحة وراسخة رسوخ الجبال، وأن المواقف التي تُؤاخذ عليها هي مواقف سياسية تقديرية؛ كموقفها من استجواب بعض الوزراء الذين دعمتهم الحركة قناعةً بموقفهم وسلامة أدائهم. والأغرب أن تُنتقد «حدس» دون غيرها من القوى السياسية الأخرى التي وقفت الموقف نفسه!
اليوم يطالب البعض الحركة بالاعتذار من الشعب الكويتي؛ بسبب مقاطعتنا للانتخابات الماضية! ونذكِّر هؤلاء أن معظم الشعب الكويتي كان مقاطعاً لتلك الانتخابات، فمن يعتذر ممن؟! نحن قاطعنا في البداية بسبب عدم الدستورية لمرسوم الضرورة، ولمّا أصدرت المحكمة حكمها بدستورية المرسوم كتبت أكثر من مرة أقول إنه لا يجوز اعتباراً من اليوم أن نرفض المجلس لعدم دستوريته. ومع هذا، لم نشارك لاعتقادنا في حينه أن هذا النوع من المجالس ضرره كبير على المجتمع، وأن الحراك الشعبي ممكن أن يغير من قناعة الأطراف المعنية وترجع الأمور إلى نصابها الطبيعي. لكن الوضع سار في اتجاه مغاير، وساءت الأوضاع أكثر، وتشرذم الحراك؛ بسبب سوء استعمال السلطة عند البعض، وأصبحت المقاطعة غير مجدية بعد أن حققت أهدافها مرحلياً في بداياتها؛ ولذلك رأينا أن المصلحة العامة تستلزم أن نوقف هذا الانحدار، ونحجِّم الفساد الذي انتشر في كل مجال. ولمّا كانت المقاطعة قد استنفدت كل وسائلها، وأصبحت اجتماعات الأغلبية غير ذات جدوى، وتأكدنا من عدم وجود خريطة طريق لها، بل لم نشاهد بصيصاً من الأمل قريباً، لذلك لم نجد بديلاً عن المشاركة لإصلاح ما يمكن إصلاحه!
هذه هي السياسة؛ قد نصيب وقد نخطئ، المهم أن النية تكون للإصلاح، ومما يشجعنا على المضي قدماً في طريقنا أن الذين ثاروا علينا وزمجروا غضباً، هم خصومنا التقليديون من الحاشية وغلمان العلمانية، ولله درك يا «حدس» راسخة في كل الظروف!