من الصعب أن ندرك النعم التي نتمتع بها، وهي فضل وهبة من الله، لذا نغفل في كثير من الأحيان عن استشعار تلك النعم لنعيشها ونستمتع بها ونجعلها سببا للبهجة والفرح من حولنا، فندخل السعادة لدى الآخرين من دون قصد أو تكلف أو حتى تكبد عناء مخاطبتهم، بقدر ما هو سلوك الحياة المبتهجة الذي نعيشه وتبدو مظاهره للآخرين، والذي يفيض بالفرح أينما يكن أحدنا، فالناس يرون النموذج ويتعلمون منه بث البهجة والسعادة من حولهم، عندما يعيشون التلقائية بعفوية تزهي وجودهم، فلا حسد ولا حقد ولا كراهية ولا أنانية أو حتى تكبر أو عزلة أو محبة مصطنعة، حينها.. نعم حينها فقط نكون قد أدركنا النعم والبهجة اللتين ينبغي ألا تفارقانا أو نسمح لأي كان – مهما كانت نفسه مريضة بعدم الرغبة في أن ترى البهجة من حولها – فنتجاوزه بأن نطلق للبهجة العنان أن تشع بوميضها الخافت الذي يتغلغل الى القلب قبل أن تراه الأعين أو تسمعه الآذان أو تستنشقه الأنوف أو أن تتحرك لأجله الشفتان أو تدركه الحواس، فقد تواصلت معه القلوب ووجد طريقه إليها بانسيابية لا مثيل لها، حتى لو تم الإعداد لذلك، فلئن كان العقل قادراً على ترتيب ذلك من أجل بلوغه وتحقيقه، وهي حقيقة مهمة، لكن أن يتولد ذلك من حاسة سابعة تنبض بالحياة وتسبق كل ذلك بمشاعر طبيعية إنسانية راقية بذبذبات القلب، فهذا كافٍ ليقصر المسافة ويلغي كل الحواجز ويظهر الأمور بتلقائيتها الطبيعية التي تعكس الأحاسيس العميقة والظاهرة في آن واحد، وفي كلا الطرفين منهما تبقى متماثلة مع الطرف الآخر، فالأعماق صادقة والتعابير الظاهرة صادقة، والراحة الهانئة صادقة أيضا في تلك اللحظة، وهناك – في موقف أو حالة أو وضع – نشبع ذواتنا بالبهجة بالنعم التي تحيط بنا وتفيض بالسعادة والفرح على من يعيش معنا وحولنا وفي كل مناحي حياتنا، فهل سأل أحدكم نفسه إذا كان سيكون من أعضاء نادي البهجة والسعادة اللا محدود في حياة مفعمة بكل أسباب الفرحة، حتى وقت الحزن أو ضيق الحياة أو المرض أو لحظات الألم وسكب العبرات؟ فحتى تلك الأحوال هي من النعم التي تقودنا الى دروب البهجة ومسالكها، فلا حاكم يملك السعادة، ولا غني يحتكر مفاتيحها، ولا النفوذ او الوجاهة يبلغ الإنسان مداركهما، وهذه حقيقة مجرد إدراكها يزودنا بوميض إنساني مميز يمنحنا رؤية عميقة لأحوال الناس ومكنونات الإنسان على حقيقتها، فندرك أن السعادة مسألة داخلية كامنة في كل واحد منا، من دون ارتباط بينها وبين السلطة أو المال أو الوجاهة أو الفقر أو حالات الضيق والألم التي هي عابر سبيل، وعلينا ألا نجعله ضيفا دائما أو ملازما لنا، ومن يفته ذلك منا فقد فاته من الخير الكثير، والعيش بأحوال البهجة والسعادة.. هي قبل ذلك وبعده فطرة ربانية للشعور بالرضا، وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال: «عجبا لأمر المؤمن فأمره كله خير إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر».
نادي البهجة والسعادة ما أجمله من نادٍ، غايته أن يزيد عدد المبتهجين بالحياة، فبادروا إلى تهيئة أنفسكم لعضويته، بتكوينه في أسركم وحولكم، ثم انضموا الينا بنادي الحياة الكبير الذي من شروطه تصالحكم مع أنفسكم في استشعار البهجة والسعادة، وسيكون لكم إعفاء كامل مدى الحياة من دفع اشتراكات عضويتكم فيه.
اللهم إني بلغت.