من أعظم منجزات العلم الحديث تمكين الإنسان من التمتع بحياة صحية أفضل، وعمر أطول، بعد أن اصبح الكثير من الأمراض والأوبئة الفتاكة، التي كانت تقضي على الملايين، شيئا من الماضي.
كان معدل الأعمار، حتى ما قبل عقود قليلة مضت، لا يزيد في غالبية المجتمعات، على الخمسين عاما في المتوسط، ليصل اليوم في تلك المجتمعات نفسها الى ما فوق السبعين بكثير، ويحدث ذلك بالرغم من كل ما يقال عن مخاطر الحياة العصرية بسبب التلوث، والزيادة في معدلات الإصابة بالسرطان وغير ذلك، والتي لا تعني الكثير في الحقيقة، والدليل على ذلك الزيادة المطردة في عدد سكان العالم بسبب ارتفاع معدلات العمر والانخفاض الكبير في عدد الوفيات.
وفي هذا السياق.. ورد في دورية طبية مؤخرا أن أدوية مضادة للشيخوخة سيتم استخدامها أو تجربتها على البشر اعتبارا من العام المقبل، وهذا سيؤدي لأن تصبح أمراض مميتة كالزهايمر والباركنسون والسرطان وغيرها شيئا من الماضي. ويعتقد العلماء أنه اصبح بالإمكان وقف تقدم أو تسارع إصابة الإنسان بالشيخوخة، وتمكينه من العيش بصحة جيدة ليبلغ 110 وحتى 120 عاما بصحة جيدة.
قد يبدو الأمر هذا وكأنه «خيال علمي»، ولكن العلم اثبت أن دواء المتفورمين metformin، الذي يستخدمه المصابون بالسكر، والذي تمت تجربته بنجاح على فئران وديدان، قد اطال من أعمارها، وأوقف تكون التجاعيد لديها، وهذه قضية مهمة للسيدات بالطبع، قد يكون دواء المستقبل، بعد أن قامت «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية المعروفة بصرامتها، FDA، وبعد تأن، بإعطاء موافقتها الرسمية على تجربة المتفورمين كدواء مضاد للشيوخة بتركيبة خاصة، وسيكون هذا أعظم تدخل طبي لوقف الشيخوخة، حسب قول الدكتورDr Jay Olshansky، من جامعة إلينوي ـ شيكاغو، الذي يعتقد بنجاح التجربة، وأن ليس هناك ما يمنع ذلك، وان الأطباء مستقبلا سينشغلون بقضايا إطالة الأعمار بدلا من معالجة أمراض كالخرف والسكري والسرطان. ويقول البروفيسور الاسكتلندي Gordon Lithgow، الخبير في ابحاث إطالة العمر، وأحد مستشاري فريق الإطالة، إن استهداف إبطاء تقدم الشيخوخة سيؤدي بالتبعية لتباطؤ تقدم بقية الأمراض، وهذه ثورة طبية وسابقة. كما أن التقدم في العمر ليس أمرا محتما، فهناك مخلوقات بحرية لا تهرم، بفضل التجدد المستمر في خلاياها. كما أن هناك بشرا يحتفظون بصحتهم لمرحلة متأخرة، مقارنة بغيرهم، وليس هناك ما يمنع من تعميم حالتهم.
موافقة وكالة الغذاء والدواء الأميركية الـ FDA على التجربة أتت لتثبت عدم صحة ما تدعيه مؤسسات طبية سويسرية واوكرانية وروسية من قدرتها، عن طريق الحقن بخلايا جذعية، إطالة عمر الإنسان، فهذه غالبا ما تكون أعمالا تجميلية ذات تأثير مؤقت.
المشكلة في نظر الكثيرين لا تكمن في مدى إمكانية إطالة العمر، فهذا أمر تم تجاوزه الآن، بل فيما سيصبح عليه العالم إن طالت أعمار البشر %50، وما سيعنيه ذلك من ضغط على الموارد البشرية الشحيحة، وخطورة وصول نوعيات معينة من المسؤولين، واختيارهم ليبقوا في القمة مدى الحياة!