في خضم الصراعات السياسية الكبرى في الكويت التي تزامنت مع «الربيع العربي»، ومع انطلاق مسيرات «كتلة الاغلبية» في أحداث كثيرة، والتي احتدمت فور صدور «مرسوم الصوت الواحد»، طرقت مسامعنا وعود اسطورية عجيبة لم يعهدها أهل الكويت من قبل، فامتزجت بعض تلك «الوعود» بالشيلات، وأبيات الشعر، والرقصات، والخطابات الجماهيرية الحاشدة بساحة الإرادة، واصبحت تلك «الوعود» أشبه بخريطة طريق سياسية لـ«كتلة الاغلبية».
ولعلنا نتذكر بعض تلك الوعود: «نكسر الخشم العنيد ولا نبالي، عسانا نكون اللي نبيه او عسانا ما نكون، لن نسمح لك.. الصوت الواحد غير شرعي ولا يشرفنا المشاركة به».. بل تصاعدت وتيرة الدراما يوما، عندما خرج النائب السابق مسلم البراك الى ساحة الارادة، وقال في ما يشبه البكاء: «أحمل كفني بيدي الآن، وسلمت أمانتي وسري لثلاثة من الثقات»، في اشارة واضحة على خطورة «أسرار المؤامرة».
أيها السيدات والسادة، قد يندفع الانسان العادي في ردات فعله بغتة، ويعجز عن كبح غضبه احيانا، عندما تهبط عليه صدمة مدوية، لكن هذا لا ينطبق على السياسي المحترف أبدا! فالسياسة تتطلب الحنكة، وبُعد النظر، والصبر، وربما الابتعاد قليلا لقراءة الساحة السياسية.. بل ان السياسة قائمة على «هات وخذ» في أطر المبادئ والاجندة السياسية! والحق يجب أن يقال هنا: فالحكومة نجحت نجاحا باهرا في حكر «كتلة الأغلبية» بـ«قرقور» مقاطعة الصوت الواحد، وقد تعمدت استفزازهم مرات عدة، فسقطوا بكيدها سقوطا مدويا: «لا يشرفنا المشاركة بمرسوم الصوت الواحد.. لن نشارك!» هكذا امتلأ تطبيق «يوتيوب» بهذا التحدي السافر من «كتلة الأغلبية»، وأصبح لا مجال للتراجع أبدا.. فحصدت الحكومة هدفا غالياً، وراح أهل الكويت يبحثون عن بدائل أخرى للمعارضة، التي أكدت انسحابها من مشهد «الصوت الواحد» آلاف المرات.
الآن، وبعد أن فشلت جميع مساعي «كتلة الأغلبية» في الضغط، والطعن، والتشكيك، والدفع بحل مجلس الصوت الواحد.. طفحت في الأفق رائحة كريهة، مقززة في الاسبوعين الماضيين: انها تلميحات الى المشاركة في الانتخابات من بعض هؤلاء الذين أشغلوا أهل الكويت في «المقاطعة» مرتين، وأوهموا الكثيرين أن المشاركة تعد «جريمة وطن»!
ولأن الشعب الكويتي شعب فطن وذكي، لم تعد تنطلي عليه تلك «الأفلام» الزائفة، فاستقبل تلك التلميحات بشكل «ساخر» في حديث الدواوين ووسائل التواصل، فقرار عودة ترشح «المقاطعين» الى المشاركة سقط شعبيا عند أهل الكويت، اثر وعودهم وشعاراتهم الاسطورية، ولن تفسر نية العودة سوى توق نواب الأغلبية الى «الحصانة البرلمانية» وامتيازات النيابة!
جميع ما سبق ذكره كان جزءاً من حواري مع الدكتور عبيد الوسمي، عندما قابلته في لقاء صحافي أجريناه لـ القبس يوم الأحد الماضي: ماذا ستصنعون يا د.عبيد في هذه الورطة السياسية الكبيرة التي اوقعتم أنفسكم بها؟ فوجدته صلبا، عنيداً، خطيرا، شرسا في الدفاع عن رأيه بما يخص المشاركة: لن أشارك! قالها من دون تردد او هوادة.. ثم أردف قائلا: مشاركة المعارضة في الانتخابات القادمة انتحار سياسي! وأكمل ساخطا «كيف أشارك والأسباب ذاتها لا تزال قائمة؟»، وكأنما يقول لي: كيف أحنث بوعد قطعته لناخبيّ؟! هكذا هم فرسان السياسة أيها السيدات والسادة وان اختلفنا معهم.. وهكذا سيخلد التاريخ السياسي صلابة موقفهم رغم كل المغريات.. وهكذا احترمت الأخ العزيز د.عبيد الوسمي أكثر من أي وقت مضى!
● من الآخر:
لن يُرفع الإيقاف عن الرياضة الكويتية أبداً، ما دام الأخوان أحمد وطلال الفهد يديرانها بعقلية «شيخ ولد شيخ ولد شيخ».. ولن تنقشع هذه الغمامة السوداء إلا إذا تدخّلت حكمة «مجلس الأسرة» في سيناريو مشابه لـ«اعتذار» بلاغ الكويت، ونفي الأخوين وعقلية «المشيخة» من المشهد الرياضي.
آخر مقالات الكاتب:
- كيف باعوا «شبابنا بالسجون».. برخص التراب؟!
- عبد الرحمن السميط.. المسلم الحقيقي!
- أبوي.. جاسم الخرافي
- عبيد الوسمي.. الذي احترمته أكثر!
- مَنْ «صَنَعَ».. عبدالحميد دشتي؟!
- لماذا اجتاح «الإلحاد».. الكويت؟!
- مسلم البراك..«يبي يسجني؟!»
- الشيخ سعد العبدالله.. لم يمت!
- الإلحاد.. وناصر القصبي!
- لماذا سنقيم «فرانچايز اكسبو».. في دبي؟!