عن أي وطن سأتحدث ؟ وعن أي بلد سأتكلم ؟ فالقضية أكبر مما نتصور ، فقضيتنا اليوم تتلخص في حقوق الأطفال المدنية ، وخاصة أطفال العالمين العربي والإسلامي ، الذين يعانون من عدم الأستقرار وعدم المساواه والتمييز ، وكذلك الحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية كالتعليم والصحة واللعب والأمن والخدمات الحيوية التي تكفل لهم حرية العيش بأمان وطمأنينة .
فالطفولة اليوم اتخذت مسارا آخر غير الذي قرأنا عنه وسمعناه في قوائم وقوانين المنظمات الحقوقية والإنسانية لرعاية الأطفال ، مسارا لا يعرف معنى الفرح والسعادة والبهجة والنظرات البريئة التي تنبع في داخلهم وتعطي معنى الأمان والثقة والطمأنينة في نفوسهم ، وخاصة بعد ربيع الثورات العربية ، حيث إزدادت الحروب الأهلية والإنقسامات الطائفية والمذهبية التي شهدتها كل من اليمن والعراق وسوريا وليبيا وفلسطين ومصر ولبنان ، ناهيك عن معاناة ومأساة أطفال المسلمين في بورما وأفريقيا الوسطى وتايلند والفلبين والهند وكثير من الدول في العالم .
ولا يخفى على أحد بأن هناك ما يقارب 15 مليون طفل في العالم العربي والإسلامي يعانون من آثار الحروب الأهلية والصراعات الطائفية ، وأن حوالي 8 ملايين طفل سوري يتعرضون لأبشع وأروع الإنتهاكات المحرمة دوليا ، وأن ما يقارب 7 ملايين طفل عراقي يعيشون بأسوء حال ، وتزداد حالتهم سوءا من خلال التأثير المباشر بما يحدث في العراق من صراعات طائفية ومذهبية ، وفي غزة تسبب الحصار المؤلم الذي يفرضه الكيان الصهيوني المجرم على أهل غزة بفقدان نحو 55 ألف طفل لمنازلهم ، إضافة إلى مقتل ما يقارب 600 طفل فلسطيني .
وفي تقرير صادر من الأمم المتحدة حول الطرق البشعة التي تستخدم في تعذيب الأطفال في السجون العربية ، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر التعذيب بطرق الضرب وبالأسلاك المعدنية ، والضرب بالحزام والعصي وإستخدام الصدمات الكهربائية ، ونزع الأظافر ، والإغتصاب والتهديد ، وتعليق الأطفال من أقدامهم وأيديهم في المراوح والأسقف ، وتعذيب أقاربهم أمام أعينهم ، وتجنيد الأطفال في القتال والزج بهم في متاهات الحروب والجماعات المسلحة ، وهذا للأسف ما نراه يحدث حاليا في سوريا واليمن والعراق .
وكلنا يعلم بأن الأطفال هم الضحية الأولى للنزاعات والحروب الأهلية التي تحصل في عالمنا العربي والإسلامي ، ناهيك عن الآثار النفسية والجسدية التي تصاحبهم خلال تلك الحروب ، ولا ننسى الخوف والجزع وفقدان الثقة الذي سيعانون به خلال مسيرتهم الحياتية .
فلابد من جميع الأنظمة العربية والإسلامية بأن تبذل كل ما في وسعها بالإهتمام المباشر والفعال بالرعاية النفسية للطفل ، وأن تكون من أولوياتها إيجاد الطرق المناسبة لحماية الأطفال من الصدمات الناتجة عن الحروب أو القلق والخوف والرعب ، ولا ننسى أخيرا الإهتمام بالجانب الديني في حياة الطفل الذي يضمن له الإطمئنان والراحة النفسية من خلال حثه على قراءة القرآن الكريم وتشجيعه على الصلاة وتعويده على فعل الخير ومساعدة الآخرين والدعاء ، وبث روح الأمل والإحساس بداخله ، وذلك حتى يستمد قوته وثقته بنفسه والإعتماد على نفسه في مواجهة تحديات الحياة .