.يتساءل كثيرون في الدواوين وبين جموع المثقفين كيف بدأ هذا الفكر؟ وما جذوره؟ وهل هو جزء من مؤامرة؟ بحثت كثيراً فلم أجد غير هذه الأسباب لبعض المفكرين.
من أهم العوامل التي أدت إلى ظهور الفكر التكفيري الشدة التي اتبعتها السلطات المصرية في السجون والمعتقلات قبل ثورة 52 وبعدها، حيث اختمرت هذه الأفكار عند بعض جماعات الإخوان المسلمين المعتقلين وجماعة التبليغ. احتارت السلطات المصرية في ذلك الوقت في طريقة معالجة هذا التطرّف، فبعثت بعض المشايخ لمحاورتهم ومحاولة إقناعهم بالعدول عن هذه الأفكار، ولكن لم تجد تجاوباً لهذه الجماعات، وعندما سأل أحد المشايخ هذه الجماعات عن سبب عدائهم لرئيس الجمهورية، قالوا إن الحاكم لم ينفذ حكم الله وأنه أحل الحرام بإقامة مصانع الخمور وأباح الزنى، حيث إن القانون في ذلك الوقت أعطى الفتيات بعد بلوغ الثامنة عشرة الحرية، وانه حارب الإخوان ووضعهم في السجون؛ لأنهم يريدون تطبيق شرع الله، في هذه الفترة كلفت الحكومة مدير السجون الحربية والمباحث العسكرية اللواء آنذاك بمعالجة هذا الأمر، ولما لم يجد أذناً صاغية كما تردد في بعض الادبيات والمذكرات جمعهم في باحة السجن وأخرج مسدسه وأعلن أنه القاضي والجلاد والمنفذ، حيث تجمعت السلطات بيده بتفويض من رئيس الجمهورية، وهدد بأنه سيبيدهم لأنهم أصبحوا سرطاناً في جسم الأمة، ثم نقل المساجين إلى زنازين في سجني طرة وأبو زعبل، وهناك انفتحت عليهم أبواب جهنم من ضرب يومي وتعليق وتجويع وتكسير عظام. في هذه الأثناء، دارت نقاشات بينهم وتمخضت عن ميلاد فكرة التكفير، وهي ان هؤلاء الشباب يتبرأون من المجتمع كما يتبرأون من الإخوان ولا يصلون أو يجتمعون معهم، كما أعلنوا أن المجتمع قد كفر بموالاته الحاكم، وبايعوا أحدهم إماماً وانكبوا على كتب سيد قطب (معالم الطريق وفي ظلال القرآن) التي تكفر المجتمع، وتعتبر أن الجاهلية قد عادت، وأخذوا يدعون إلى إنشاء الدين من جديد، وفق فهمهم.
لضيق مساحة المقال لا أستطيع أن أشرح مفاهيم هذا الفكر وموقفه من النصوص الشرعية، بل قصدت أن أشرح كيف بدأ وما جذوره.