طرح تساؤل دستوري وقانوني، بمناسبة الخطاب المرسل من عضو مجلس الأمة عبدالحميد دشتي لرئيس مجلس الأمة، يطلب فيه منحه إجازة، عملاً بنص المادة 24 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، التي تنص على ما يلي: «لا يجوز للعضو أن يتغيب عن إحدى الجلسات، إلا إذا أخطر الرئيس بأسباب ذلك. فإذا أريد الغياب لأكثر من شهر، وجب استئذان رئيس المجلس. ولا يجوز طلب الإجازة لمدة غير معينة. ولا يجوز للعضو الذي حضر الجلسة الانصراف منها نهائياً قبل ختامها إلا بإذن من الرئيس».
والسؤال: هل الإجازة الواردة في البند 2 من اللائحة جوازية لرئيس المجلس في قبولها أو رفضها، أم هي حق للعضو يجب على الرئيس أن يجيب العضو لطلبه؟
وللإجابة عن السؤال المطروح، فإنه لا بد من أن نؤكد الأمور الآتية:
1 – نص المادة 24 من اللائحة يقرر مبدأ إلزامية حضور النائب لجلسات المجلس بتكريس فكرة إيضاح أسباب الغياب للرئيس، ثم تم التأكيد أنه إذا زاد الغياب على شهر وجب استئذان الرئيس، مما يعني سد باب الغياب المتسيب أو المصطنع بلا عذر حقيقي.
2 – إن الفقرة رقم 2 من المادة 24 واضحة بكون إلإجازة هي عبارة عن طلب يقدم وعليه قيود، حيث تقرر الفقرة المشار إليها «ولا يجوز طلب الإجازة لمدة غير معينة»، وصراحة نص الفقرة هو أن الإجازة عبارة عن طلب يقدم من العضو، ومن ثم يخضع للموافقة عليه لمحض السلطة التقديرية لمن قدم له، وفقاً للضوابط التي تخضع لها الإجازات حسب القواعد العامة، وهذا يعني أن الإجازة ليست مقررة لمصلحة العضو، بل لمصلحة المؤسسة التشريعية من جهة، وغايتها هو توخي تحقيق المصلحة العامة من جهة أخرى، ومن ثم فلا يجاب العضو طالب الإجازة لطلبه بصورة تلقائية، ويخضع كل طلب إجازة لظروف وملابسات تقديمها. ولذا، تخضع كل إجازة في بحثها لمدى تحقق شروط منحها لكل طالب لها على حدة، ولا تتقيد أي إجازة بسوابق جرى العمل عليها، إلا في حالة التماثل الكامل بالشروط والمتطلبات والظروف.
3 – هناك تلازم في النظر إلى طلب الإجازة التي قررتها الفقرة 2 من المادة 24، مشيرة إلى عدم جواز أن تكون لمدة غير معينة، والأصل العام الذي قررته المادة 24 من عدم جواز الغياب إلا لعذر، وأن الغياب في جميع الأحوال يلزم إخطار الرئيس به أو استئذانه، ما مؤداه أن طلب الإجازة ينبغي إلا يهدف إلى تبرير غياب صار محكوماً بالفقرة الأولى من المادة، فيكون طلب الإجازة في حقيقته طلب غياب بعذر أو استئذان، ويتخفى وراء طلب الإجازة التفاف على حكم عدم جواز التغيب عن الجلسات، وهو أمر تدل عليه ظروف وملابسات تقديم طلب الإجازة، فالإجازة ينبغي أن تبنى على حالة قائمة بذاتها، تولدت عن ظروفها الذاتية، وليست معطوفة على ظروف غياب غير مبرر أو متصلة به، وقع فيه العضو، ويسعى إلى تجنب آثاره المقررة بالقانون.
4 – وأخذاً بالاعتبار الغاية من تقرير الإجازة، وهو استهداف المصلحة العامة، كي لا تتعطل أعمال السلطة أو المرفق، خصوصاً في المؤسسات والمرافق التي يتمتع العاملون فيها بإجازات طويلة مقررة في نهاية سنة عمل تلك المؤسسة أو المرفق، مثل الإجازة الصيفية لمجلس الأمة أو الإجازة الصيفية للمدارس، وما يستتبعه ذلك من التحفظ بمنح الإجازة في غير تلك الأوقات، ما لم يكن الظرف طارئاً وملحاً، ولا سبيل لتفاديه، لا أن يكون بترتيب إرادي واصطناع للظرف أوجده العضو لنفسه.