انتشرت في الأعوام الأخيرة، ظاهرة جادة وثقافية في وطننا العربي، سبقتنا الدول الأوروبية اليها، وهي ظاهرة المسابقات الثقافية على مستوى الوطن العربي أجمع. وبغض النظر عن الدوافع التجارية للموضوع وحيادية المنظمين، إلا ان خلق ميادين ثقافية للمنافسة بحد ذاته مبادرة إيجابية لإنعاش ذاكرة هذه الشعوب وتذكيرها بالرصيد العلمي والثقافي التي تحتضنه هذه اللغة العربية العظيمة، وبتاريخها الأدبي الذي ملأ العالم علماً وروعة وجمالاً. ولكن كيف تعاملت حكوماتنا مع هذه المسابقات، وهل قامت بالدور الإيجابي التحفيزي لمشاركة المجتمع في تلك المنافسات لتخلق تنافسية وتنوعيه في الإنتاج الأدبي والثقافي؟ لا أظن ذلك، وأرجو أن أكون مخطئاً.
يعتقد بعض المسؤولين أن بمجرد دفع الأموال في دعم مسابقة ما، ينتهي دورهم، لكنهم غفلوا عن الدور الأهم، فهم صنعوا المركبة ولكن أين الراكب؟ وكيف يتم تشجيع المجتمع للمشاركة والمنافسة، ناهيك عن المؤشرات السلبية التي تقوم بها الدولة أحياناً والتي تنفّر من لديه النية للمشاركة والمنافسة والإنتاج ولا توليه ذرة اهتمام؟ بعض القيادات نجده يهتم – للأسف – بمن ينجح في جمع أكبر قدر من المعجبين في وسائل التواصل الاجتماعي، لدواعٍ سياسية لا ثقافية!
هناك تجارب خليجية عدة تؤكد دعم الدول للنتاج الثقافي وتنميته، وخصوصاً الصحافي منها، على سبيل المثال مشروع «تحدي القراءة العربي» الذي يشجع الطلبة على قراءة 50 مليون كتاب خلال كل عام دراسي، والذي يرعاه حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وجائزة الصحافة العربية التي تنظمها كذلك دبي. ورغم ان الكويت عضو في مجلس إدارة هذه الجائزة، ممثلة برئيس جمعية الصحافيين الكويتية، إلا أن الأعمال الكويتية لم تمثل إلا ما نسبته 3 في المئة من مجموع الأعمال المقدمة، كما أن الأعمال المرشحة للفوز من الكويت، هي ثلاثة أعمال فقط قدمها صحافيون غير كويتيين!
ومثال آخر، فان الكويت من الدول المختارة في جائزة «سمير قصير» لحرية الصحافة التي يرعاها رسمياً الاتحاد الأوروبي، إلا أن الجائزة لم تشهد منذ تأسيسها في 2005 أي فائز أو وصيف كويتي. ان الكلمات لها نبض يحييه الإبداع، وهذا الإبداع هو روح التنمية المنشودة، اذا خنقنا هذا النبض فينا، فنحن نخنق المجتمع، وأي إبداع ننتظر من ذلك؟