مازالت العزيزة مصر تخسر المليارات بسبب مقاطعة السائحين لها بسبب حادثة مطار شرم التي استخدمت كذريعة لمعاقبة المجني عليه لا الجاني، وهو أمر لم يحدث قط في تاريخ الطيران أو في الحوادث المشابهة، وخير شاهد على ما نقول حادثتا طائرة البان ام والفرنسية التي قام بتفجيرهما عملاء القذافي لإثارة الكراهية والأحقاد ضد العرب والمسلمين تماما كحال ما يقوم به «داعش» هذه الأيام.
***
وللتذكير، فالقنبلة التي فجرت طائرة البان ام لم تزرع في مطار لندن الذي أقلعت منه، بل زرعت في مطار مالطا في شنطة أقلعت بها طائرة الى مطار فرانكفورت وطائرة أخرى من مطار فرانكفورت لمطار لندن، ولم تقاطع المطارات المعنية، كما أن الحادثة تظهر القدرة الفنية على وضع قنبلة بتوقيت يجعلها تنفجر لاحقا في غير المطار الذي أقلعت منه الطائرة، وهو ما يجب أن تصر السلطات المصرية على أنه حدث مع الطائرة الروسية والذي من «المستحيل» أن تكون القنبلة قد زرعت بها من مطار شرم بدلا من انكار لا يفيد لنظرية الانفجار التي ثبتت من الساعات الاولى لقراءة عدادات وحقائق الصندوق الاسود للطائرة.
***
ودلالات عدم زرع القنبلة في مطار شرم واحتمال أن الطائرة قد قدمت وهي ملغمة بها منطقية جدا وتؤيدها حقائق الصندوق الاسود ودراسة حطام الطائرة، فمكان القنبلة قرب الذيل للتأكد من سقوط الطائرة، لا تضررها فقط، يعطي دلالة على أن هناك فني تفجيرات وفني طائرات ساهما في زرعها، وهو أمر يستحيل حدوثه ابان توقف الطائرة ترانزيت في شرم لدقائق قليلة وهي محاطة بالفنيين وعمال الشحن ومزودي الطائرة بالوقود اضافة الى رجال الأمن، والذي يريد أن يزرع قنبلة في شرم عليه اختراق هؤلاء جميعا وضمان سكوتهم، وهو أمر شديد الاستحالة، كما أن قيام شخص مخترق بدخول غرفة العفش ثم الصعود دون داع للمنطقة القريبة من الذيل لزرع القنبلة بوجود عشرات عمال الشحن الذين يقومون بإنزال وتصعيد العفش، يعني وجود عشرات الشهود عليه وهو ما لم يحدث.
***
وقد زاد الطين بلة على مصر حادث اختطاف الطائرة المصرية من الاسكندرية الذي ما كان له أن يحدث لو تم تدريب رجال الأمن، وخصوصا الجالسين على أجهزة الاشعة على ما يسمى «البروفايلينغ» فلا يمكن لأي مخلوق بشري القدرة على التركيز الحاد المتواصل على مئات شنط اليد التي تمر عبر الجهاز خلال دقائق قليلة، لذا يدرب رجال الأمن في العالم أجمع على التركيز وفتح شنط والتفتيش اليدوي لمن يظهر أنهم (HIGH RISK) أي الرجل المضطرب أو من يظهر عدم مواءمة جوازه وسفره كحال خاطف الطائرة المصرية الذي يظهر محدودية دخله وعدم معقولية سفره بالطائرة باهظة التكلفة للقاهرة، حيث ان الاغلبية عدا قلة من كبار رجال الأعمال يسافرون بسيارتهم الخاصة أو القطار أو التاكسي أو الباصات وبأقل تكلفة، ولو فعلت عملية «البروفايلينغ» وفحصت يدويا شنطة الخاطف لتم التوصل وبسهولة للحزام الناسف ولمنعت عملية الاختطاف وإحراج مصر بالتبعية.
***
وأقول كمختص وكمحب لمصر وفي ظل أعداء لمصر شديدي الاحتراف، وحقيقة أن مصر لا تحتمل إطلاقا عملية اختراق ثالثة، إن الوضع الامني في مطار القاهرة الدولي لا يسّر فلايزال بعض رجال أجهزة الاشعة قبل صعود الطائرة يقومون بعملية البروفايلينغ أو التشخيص الباحث عمن يشكلون خطورة على الطائرات وعلى مصر بالتبعية، بشكل معاكس تماما، حيث يضيعون جهدهم وتركيزهم بالعادة على السائح وخاصة الخليجي الذي يعتقدون أنه قد يمنحهم شيئا لمنع عرقلته وتفتيش شنطه على حساب التركيز على من قد يكونون أعداء للدولة المصرية والمتعدين على أمنها ورجال الأمن فيها، ومصر العزيزة لا تحتمل لا اختراقا أمنيا ثالثا ولا تطفيش السائحين الخليجيين المحبين لمصر، وهذا بلاغ قبل وقوع الفاس بالراس.
آخر محطة:
(1) كمثال ما كنت سأذكره لولا أهميته وتكراره معي ومع بعض الاصدقاء كما كتبوا لي عندما ذكرته في أحد «الجروبات» المشارك بها، يوم الثلاثاء الماضي الساعة 3 ظهرا وقبل صعود الطائرة المتجهة للكويت ومعي عائلتي ولا يوجد في شنطتي ما هو ممنوع أو يثير الريبة، ونسبة خطورتي بحكم السن والمهنة والعائلة لا تزيد على صفر على سلامة الطائرة، طلب رجل الأمن فتح الشنطة لأسباب غير خافية فقمت بذلك وسألته: أخبرني بما أثار ريبتك كي أمتنع عن حمله المرة القادمة، فأجابني: في شنطتك أوراق فلوسكاب وكتابان (!!)، فأجبته: لا أعلم في تاريخ الطيران أن طائرة خطفت أو فجرت باستخدام ورق كتابة أو كتب.. واضح أن بعض رجال الأمن بالمطار لا يقدّرون مسؤوليتهم بحفظ أمن وسمعة مصر، ومازالوا يمارسون عملهم لا بحثا عن العناصر الخطرة، بل في كيفية الاستفادة الشخصية من الوظيفة العامة.
(2) في اليوم نفسه وعند وصولي وعائلتي للمطار الساعة الـ 12 وعند جهاز أشعة الشنط والتفتيش الخارجية تقدم رجل يلبس بدلة سوداء ويقف على رأس الجهاز دون طلب مني باصطحابي وعائلتي من ذلك الجهاز حتى كاونتر شركة الطيران، فهل يصح أمنيا ذلك الأمر؟! مصر في خطر إن استمرت تلك الممارسات غير المسؤولة، وإن لم توضع كاميرات لمحاسبة الممارسات الخاطئة وغير المسؤولة.