الكثير من الناس – في العالم العربي – يعرفون غرائب طباع ديكتاتور ليبيا الراحل«معمر القذافي» وسلوكياته العجيبه منها- على سبيل المثال لاالحصر- حين ارتدى قفازات بيضاء وحضر إلى قمة عربية عقدت في القاهرة وجاءها عن طريق البر بسيارة «كاديلاك – ليموزين» من طرابلس إبان الحظر المفروض على بلدة في ذلك الزمن عقب كارثة طائرة «بان- أميركان» التي أسقطت فوق بلدة «لوكيربي» الاسكتلندية، وحين سأله الصحافيون عن سر هذه القفازات البيضاء قال: «حتى لاتلامس يدي أيدي الزعماء العرب حين مصافحتهم ممن التقوا وصافحوا قيادات.. إسرائيلية»!! ومثل هذه المواقف السياسية الطريفة الشيء الكثير لسنا الآن بصدد سردها فهي بحاجة إلى كتاب قد تصل عدد صفحاته إلى 300 صفحة من الحجم المتوسط!! لكن هناك واحدة قد لايعرف بها أناس أكثر من الذين يعلمون عن نوادره السياسية وهي نادرة «غنائية» بطلها الموسيقار الراحل «فريد الاطرش» رحمه الله رحمة واسعة!! كيف ولماذا وما هي؟! صلوا علي النبي المصطفى واسمعوا الحكاية! في عام 1972، وخلال عز خلافه مع الرئيس المصري الراحل «أنور السادات» لم يترك القذافي مسألة إلا ونبش فيها حتى لم يبقَ إلا حكاية.. فريد الأطرش!! ما الذي أغضب زعيم «الفاتح من سبتمبر» من ذلك المطرب المبدع والموسيقار الخلاق الذي مازالت أغانيه والحانه تطربنا وتعيش في آذاننا وعقولنا وأحاسيسنا منذ وفاته عام 1974 وحتي يومنا هذا دون أن ننساها؟!
اعترض «القدافي» على أغنية قديمة غناها الأطرش في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي بعنوان «بساط الريح» وهي جزء من فيلم له يظهر بساط سحري يطير فوقه إسماعيل ياسين وسامية جمال وفريد الأطرش ويجوبون به أجزاء الوطن العربي فيطير بهم البساط الي لبنان وسوريا والعراق ولكن الجزء الذي جعل «القذافي» يستشيط غضبًا ويأمر الاذاعة الليبية بمنع كل أغاني «فريد الأطرش» حين طار «بساط الريح» محلقًا من مصر إلى «تونس الخضراء» – في الأغنية – دون أن يذكر مروره فوق ليبيا أو يقول انه مر من.. فوقها!! قال لي صحافي ليبي زميل التقيته في قبرص في عام 1984 إن أوامر صدرت إلى كل العاملين في الصفحات الفنية بالجرائد والمجلات الصادرة في ليبيا بعدم نشر أو كتابة أي شيء عن فريد الأطرش سألته- مازحًا- وماذا عن إسماعيل ياسين والراقصة سامية جمال ممن رافقاه في الرحلة على متن «بساط الريح»؟ فضحك وقال إن العقيد كان يرى ان هذين الاثنين لا ذنب لهما في تجاهل ليبيا وعدم ذكرها في الاغنية، وإن اللوم يقع – وحده – على فريد الأطرش!! حين سئل الرئيس السوداني الاسبق «جعفر نميري» عن رأيه في «الكتاب الأخضر» الذي ألفه «العقيد» ويمتلئ بالأفكار والشعارات الماركسية قال: «كتاب القذافي مثل البطيخة من بره أخضر ومن جوه.. أحمر»!! رحم الله اثنين من زعماء الامة العربية الواحدة… ذات الرسالة «الخاملة»!!
آخر العمود:
يقول الإمام علي بن ابي طالب «كرم الله وجهه»:
الدَّهْرُ أَدَّبَنِي واليَأْسُ أَغْنَانِي
والقوت أقنعني والصبر رباني
وأَحْكَمَتْنِي مِنَ الأَيَّامِ تَجْرِبَة ٌ
حَتَّى نَهَيْتُ الَّذي قَدْ كانَ يَنْهانِي