يتزامن حصار مدينة الفلوجة العراقية من قبل الجيش العراقي مع حصار كثير من المناطق والمدن في سورية، والتي يذكر تقرير لإذاعة الـ B.B.C البريطانية ان نحو 93% منه يقوم بها الجيش السوري الرسمي، والحقيقة ان التاريخ لم يشهد قط حصار جيوش لشعوبها في مدنها وقراها، فما يحدث في العادة هو حصار الجيوش لمدن الدول الأخرى كوسيلة لإسقاطها واحتلالها كما حدث في حصار الجيش النازي الألماني لمدينة ستالينغراد الروسية.
***
واختراع حصار الجيوش لمدنها وأفراد شعبها ابتدأ مع وصول الثوريات العربية للحكم في البلدان المنكوبة، فقد تم حصار مدينة حماة السورية عام 1982 من قبل الجيش السوري الرسمي وسرايا الدفاع، حيث تم تدميرها بالكامل وإبادة 30 ألفا من سكانها وذهب 3 آلاف منهم لسجن تدمر الرهيب، حيث تم قتلهم من قبل قوات رفعت الأسد، وتم في الوقت ذاته هدم آثار مدينة حماة التاريخية ونواعيرها الجميلة حتى لم يبق صخر على صخر.
***
وفي عام 1989 وإبان رئاسة الجنرال ميشيل عون للحكومة العسكرية في لبنان، قام وبأوامر مباشرة من صدام الذي زوده بالمال والسلاح بمحاصرة وقصف بيروت الشرقية بحجة توحيد البندقية المسيحية قبل بدء حرب التحرير ضد القوات السورية لصالح صدام كانتقام من سورية لوقوفها مع إيران، ولم يعتق الجنرال بيروت الغربية والجنوبية من قذائفه التي تساقطت كالمطر وقتلت العشرات لإظهار رفض الجنرال لاجتماع مجلس النواب لانتخاب الرئيس آنذاك.
***
في 3/3/1991 بدأ أول ربيع عربي بعد عامين من الربيع الذي قام في دول شرق أوروبا، وثار الشعب العراقي في 14 محافظة من 18، فقامت قوات الحرس الجمهوري بقيادة حسين كامل بضرب المدن والقرى وحتى المساجد في محافظات الشمال والجنوب، ومنها كربلاء والنجف، وقتل الآلاف، وتم تهجير الملايين، وكان جيش صدام قد دمر عامي 1988 و1989 ضمن عمليات الأنفال آلاف القرى الكردية وقتل مئات الآلاف بالأسلحة الكيماوية.
***
آخر محطة: يقوم «داعش» الذي ما خلق إلا لإبادة شعوب المنطقة بإظهار صور كاذبة تظهر توافر المواد التموينية في الفلوجة كوسيلة لإبقاء الحصار عليها رغم المجاعات التي تجتاح الألوف من سكانها.. فهل بقي من يشك في نوايا «داعش» الشيطانية؟!