شهد هذا «الكوت» الصغير الواقع في شمال الخليج أحداثاً مريرة ومؤلمة عبر تاريخه بعد أن صار وطناً كويتياً لشعب مسالم تعايش مع بعضه البعض طيله ثلاثمائه سنة وأكثر!!
حروب هددت وجوده، وأوبئه فتكت بأولاده، ودسائس ومؤامرات دبرت له، وفي كل مرة، كان يخرج منها سليماً معافى بإرادة البارى عز وجل أولاً، وبتكاتف أبناء وطنه..ثانياً!!
الكويتيون -عبر تاريخهم منذ نشأة هذا الوطن الجميل- إشتهروا بالصبر على البلاء والشكر عند العطاء فشملهم الرحمن الرحيم بعنايته ورعايته ورزقهم بالخير الوفير ومتعهم بالأمن والأمان، وبالتالى، فإن ما حدث يوم أمس الأول في مسجد الإمام الصادق في منطقة «الصوابر» بوسط العاصمة ليس سوى «حصاة صغيرة سقطت في جون الكويت» لم يتعد تأثيرها على الناس والمجتمع أكثر من فقاعة صغيرة إختفت عقب دقائق من زوال دخان ونار الإنفجار الآثم الذى أودى بحياه المصلين الأبرياء! لقد عجزت الآلة العسكرية لديكتاتور العراق السابق «صدام حسين» حين إجتاح الكويت بنصف مليون جندى ومائه آلف أليه وعربة ودبابة ومليار رصاصة وقذيفه ولغم..على كسر إرادة هؤلاء «الصابرين» فتصدوا له باللحم والدم حتى إندثر العدوان وعاد «الكوت» الصغير إلى حضن أهله، وعاد الأهل يستندون إلى جدران..كوتهم!
إن كانت «داعش» -وما يقف وراء «داعش» إعتقدت إن الكويت ما هى إلا نخله يهزها إنفجار في مسجد حتى يتساقط عليهم رطبها شهياً، فهم واهمون، فهى جبل أشم وأذرع أبناءها بصلابة الحجارة وسطوة الحديد متى ما تعرض أمنهم -أمنهم جميعاً لا طائفه دون آخرى- لخطر يبعث به أعمى بصر وبصيرة..إليهم!!
ضحايانا الأبرياء الذين سقطوا في مسجد الإمام الصادق في «الصوابر» سيبقون في قلوب ووجدان كل الصابرين من أهل الكويت لأجيال وأجيال قادمة، مثلما عاش في وجدانهم كل أجدادهم الذين قضوا نحبهم في رحلات البحث عن لقمه العيش عبر الغوص والسفر، ومن دفن حيث مات بالأوبئه والأمراض أيام شظف الحياة، وإنتهاء بالذين استشهدوا في أحداث المقاهى الشعبية وتفجيرات الثمانينات والغزو العراقي الغادر وصولاً إلى تلك الجمعة الحزينه -يوم أمس الأول- في مسجد «الإمام الصادق»!!
الرحمة لكل شهداء الكويت الأبرار والشفاء العاجل -بإذنه تعالى- لكل الجرحى والمصابين، ولعنة الله على الخوارج أجمعين!!