كتبت المقالات التي نشرتها في الأيام الماضية والتي تحض وتحث على وحدة جناحي الأمة الإسلامية، أي السنة والشيعة، وأرسلتها قبل أحداث مسجدي القديح والعنود الإجراميين بالقطيف، والدمام وهما جريمتان تثبتان الحاجة إلى توحد الأمة الاسلامية أمـام التحديـات غير المسبوقة وكي لا تذهب دماء الشهداء الأبرياء هباء.
***
إن في بعض ما يطرح على الساحة من حلول لإشكال إرهاب تنظيم داعش لا يقل خطراً عن «داعش» ذاته كحال طلب إنشاء ميليشيات دموية بالاتجاه المضاد خاصة بكل طائفة على الساحة العربية كي تقوم بإشعال المعارك مع الطائفة الأخرى، مما يمهد لحروب لا تبقي ولا تذر، تستمر قرونا لا تبقي حجرا على حجر، وتنقل الأمة الاسلامية إلى عصور ما قبل النهضة والتنمية والحداثة.
***
إن الحل العاقل والمنطقي ليس في خلق إرهاب مضاد، بل العكس تماما، أي في التفاف الجميع حول شرعية الدول وأجهزتها الأمنية والعسكرية لفرض هيبة القانون الذي يحمي الجميع، وقد استطاعت الداخلية السعودية، وخلال ساعات قليلة، القبض على الخلية الإرهابية، ونشر صور أعضائها، ومعرفة الانتحاري، وقد توعدت القيادة السياسية السعودية بالحساب العسير للفاعلين والمتعاطفين معهم، وهو ما سيشهده العالم خلال مدة قصيرة، «فالحزم أبو الظفرات والترك أبو الحسرات» كما قال مؤسس المملكة.
***
وتنعكس مأساوية المشهد في حقيقة أن الشاب المغرر به اعتقد أن رب العباد سيكافئه على قتله جمع المسلمين الذين تجمعوا لعبادته والتسبيح بحمده، وزاد الأمر هزلا شريط صوتي لأحد المضللين والمؤججين والمحرضين، يخبر فيه الأغبياء من التابعين له علمه بوصول من قام بتلك الجريمة الشنعاء الى الجنة، ولم يقل المحرض والمؤجج. إن كان الأمر كذلك فلماذا لم يقم هو أو أحد أبنائه بتلك العملية النكراء؟!
***
إن دولنا الخليجية والعربية والإسلامية بحاجة إلى تشريعات مغلظة، تمنع التكفير والإساءة إلى معتقدات الآخرين، والترويج لخطاب الكراهية، ومعها تعليم الشباب المسلم حب الحياة ليعمروا الأرض، لا عشق الموت والتخريب والقتل، كذلك علينا توعية الشباب بأن مصاعب الحياة المعتادة من بطالة وفقر.. إلخ، الموجودة في دول العالم أجمع، تتطلب منهم تطوير أنفسهم، وبذل المزيد من الجهد، لا البحث عن الطريق الأسهل عبر الانتحار، وقتل الآخرين، والاعتقاد أن هذا هو الطريق السريع (FAST TRACK) للذهاب إلى الجنة، وملاقاة الحور العين، بدلا من العبادات وعمل الخير لسنوات طوال للوصول إلى الهدف نفسه!
***
آخر محطة: أتى في شريط تنظيم «داعش» المشبوه، الذي أعلن فيه عن جريمته النكراء في القطيف، أغنية جهادية موجهة الى الجميع تختصر بحق أهداف ذلك التنظيم المدمر، وتقول كلماتها: «قريبا يجري الصراع في عقر دارك، وتكون المعارك لأجل دمارك». وتسترسل الأغنية «المعبرة» لتهدد الجميع بالجز والنحر وقطع رقابهم بالسكاكين، فهل بقي بعد ذلك أدنى شك في أهداف التنظيم؟!