قبل أيام، تداولت وكالات الأنباء -خبراً مع فيديو- لإنجاز علمي صيني مذهل يتمثل في صناعة «روبوت يكون نسخة طبق الأصل من الشخص الذى يطلب صنعه له» ويكون مزود بشرائح استشعار تقلد كل حركة من صاحبها الأصلى، بمعنى، أنت تبتسم أمام الروبوت، هو أيضاً يبتسم! تضحك، هو يضحك! تفتح فمك عن آخره، هو يفتح فمه عن آخره!تحتضنه وتداعب أصابعك ظهره، هو يفعل الشئ ذاته حين يحتضنك!!
الروبوت مصنوع من السليكون وبلون جلد الإنسان ويرتدى نفس الملابس وله نفس الملامح..و..و..هكذا!!
اليابانيون سبقوا أهل الصين واخترعوا «الروبوت» منذ سنوات، لكنه «روبوت» من البلاستيك الأبيض وشكله كأنه لعبة في محل أطفال، أما الصين، فإنك حين تقف أمامه -بعد أن يصنع على مواصفاتك- فكأنك تقف أمام..مرآة!!
التقيت -ذات يوم- بطبيب يعمل في «الطب الشرعي»، وهو أمر نادر، إذ من السهل عليك تلتقى بطبيب أسنان أو قلب أو أنف أو أذن أو حنجرة، لكن..بطبيب يعيش بين الجثث «المقتولة والمحترقة والمسلوخة والممزقة والساقطة من عل» فهذا هو الأمر الذى لا يحدث في حياتك إلا..قليلاً!!
سألته عن عدد الجثث التى قام بتشريحها ليعرف سبب وفاتها خلال فترة عمله، فضحك وقال إنها..بالمئات! سألته إن كان قد قام بتمرير مشرطه في قلوب وأكباد وكلى وأذرع وسيقان وأمعاء وأدمغة وجماجم، فأجاب: «أعرف كل سنتيميتر داخل كل تلك الأعضاء التى ذكرتها»! ثم إستطرد ضاحكاً: «تساؤلاتك هذه تخفى وراءها أمراً أكبر تريد أن تصل إليه، فهات من الآخر وقل لى ماذا تريد»؟!
سألته: «إذن؟ أين يوجد الضمير في جسم الإنسان حين يؤخزه ويؤنبه؟! أين يقع الندم وفي أى عضو من أعضاء هذا المخلوق؟! أين العضو المسؤول عن الفرح؟ وأين العضو المسؤول عن..الحزن؟! ما هو العضو الداخلى الموجود داخل جسم الرجل الذى يجعله مجرماً أو طيباً؟! وما اسم العضو الموجود داخل المرأة والمسؤول عن طباعها الجيدة أو..الخبيثه»؟!
أتوقع -من أهل العلم في الصين واليابان وأميركا وبلاد تركب الأفيال- بعد مائه سنة من الآن، أو ربما مائة وخمسون سنة أن يخترعوا «روبوتاً» يتكلم ويضحك و«يودى اليهال المدرسة»، ويطبخ «المجبوس» و«يصفط الصبور والميد والنقرور»، لكن..من أين لهم أن يخترعوا «روبوتاً»..يشعر بالندم أو عذاب الضمير، أو محاسبة الذات، أو الفرح أو الحزن، أو الخوف، أو الشجاعة..الخ..الخ، وهي غير متواجدة في أى عضو من أعضاء الإنسان، لكنها…موجودة إلا إن الخالق عز وجل وحده يعرف أين..هي!!
إذا التقيت بملحدا من ملاحدة هذه الدنيا وأخذ يهرطق أمامك بالحديث عن ان..«الكرة الأرضية ما هي إلا مادة تكونت بفعل الطبيعة، وان الشجر أنبتته الطبيعة، وان الطبيعة هي الأم والأب والمنشأ»، فلا تدخل معه في جدله وتساؤلاته هذه، بل اسأله عن أماكن وجود هذه الصفات التى ذكرناها داخل جسم الإنسان وأين تتواجد؟! في القلب أم في الكلى أم في الدماغ أم في الأمعاء أم في..المصران الأعور؟! وبالطبع، لاتسأله عن ذلك الشئ الذى يخرج من بين ضلوع الإنسان ليس له ملامح ولا صوت، وليس له علاج واسمه..«الروح»، فينتهى أمد مخلوق عاش يأكل ويشرب ويحلم ويحب ويكره وبندم ويخاف ويفرح ويحزن..خلال ثوان معدودة؟!
فلك الحمد والشكر يارب العالمين، فطوبى للمصدقين والمؤمنين، و«طوبة» تسقط على رؤوس الملاحدة من المارقين وتجار..الدين!!
***
..للتو اكتشفت إن لدينا شارعاً في منطقة العديلية اسمه «شارع..المروءة»، وهو اسم جميل لصفة أجمل!!
قيل «لسفيان بن عيينه» رحمه الله: «قد استنبطت من القرآن كل شئ، فأين المروءة في القرآن»؟ فقال: في قوله تعالي: «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين»، وروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم إنه قال لرجل من «ثقيف»: يا أخا ثقيف، ماالمروءة فيكم؟ فقال: يارسول الله الإنصاف والإصلاح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهي كذلك فينا!
***
نريد -أيضاً- شارعاً باسم «الشهامة» وآخر للجود، وثالث للإيثار..لعل وعسى!!