بعكس الخلافات بين أصحاب الديانات المختلفة في أوروبا، حيث قامت محاكم التفتيش لتعذيب اليهود ثم أشعلت الأفران قبل عقود قليلة لحرق الملايين منهم، ومثلها حروب طوائفهم الرئيسية من ارثوذكس وكاثوليك وبروتستانت التي استمرت لقرون عديدة وذهب ضحيتها الملايين وقبلهم حروب الإمبراطوريتين الرومانيتين الشرقية المسماة بيزنطة والغربية التي عاصمتها روما، لم تشهد منطقتنا العربية حتى شيئا من تلك الصراعات!
***
فما يرويه تاريخ منطقتنا والذي يجب ان يعرفه شباب اليوم ان التسامح كان السائد ولم تكن هناك حروب دينية بين المسلمين والمسيحيين واليهود العرب، كما لم تكن هناك عبر قرون حروب بين المذاهب الإسلامية العربية من سنّة وشيعة وزيدية واباضية وإسماعيلية ودروز وعلوية، وان شهدت المنطقة في حقب قصيرة صراعا بين الدول المسلمة غير العربية في المنطقة كحال حروب العثمانيين والصفويين.
***
ولو رجعنا الى بدايات الإسلام وحرب «صفين» الشهيرة التي يحاول المغرضون إحياءها هذه الأيام لوجدنا انها لم تستمر إلا تسعة أيام، حيث بدأت يوم الأربعاء الأول من صفر 37 هجرية وانتهت يوم الخميس التاسع من صفر، أي اقل كثيرا من حروب البسوس وداحس والغبراء على سبيل المثال، كما ان السنة والشيعة وجميع المذاهب الإسلامية الأخرى دون استثناء يقرون بأحقية الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الحكم، كما يدينون جميعا ودون استثناء مقتل سبط الرسول صلى الله عليه وسلم وسيد شهداء أهل الجنة الحسين وأهله في كربلاء.. إن المسلمين جميعا بمختلف مذاهبهم، رسولهم واحد وقبلتهم واحدة ومتفقون على أركان الإسلام من شهادة وصلاة وصيام وحج وزكاة، فكيف يستمعون لمن يحرض بعضهم على بعض بقصد إفنائهم جميعا؟!
***
آخر محطة:
كانت الجيوش التي أوصلت الإسلام الى مشارق الأرض ومغاربها تضم المسلمين من جميع المذاهب، كما ان دول الخلافة الإسلامية من أموية وعباسية وحمدانية وفاطمية وأيوبية عكست ألوان الطيف الإسلامي بمختلف مذاهبه.. دون إشكالات!