يفترض بالمجتمع الدولي ان يكون لديه معيار واحد لا معايير مزدوجة امام الحرائق المشتعلة في دول الاقليم، فلا يجوز جمع الصيف والشتاء على سطح واحد، فقد بتنا نرى التناقضات الصارخة والفاضحة لكيفية تعامل المجتمع الدولي مع ثنائية الانظمة الشرعية والميليشيات المسلحة الخارجة عن طوع الدولة والتي تعيث في الارض فسادا وتخريبا وتدميرا والتي تمهد لتقسيم الاوطان المبتلاة بها (العراق، سورية، ليبيا واليمن) وبقاء الحروب الاهلية لعقود ولربما قرون قادمة.
***
في العراق، هناك دعم دولي يهدف إلى سيطرة حكومة بغداد على اطراف الدولة في الموصل والانبار وغيرهما، وهو امر ممتاز رغم محدودية الانجاز بعد عام من غارات الطائرات التي ينتج عنها كما يأتي في البيانات العسكرية جرح فرد او فردين من تنظيم داعش، وهو هدف يمكن تحقيقه بنتائج افضل وتكلفة اقل لو اعطي صبيان واطفال المنطقة رامية حجر (نباطة) ودون الحاجة إلى مؤتمرات إعلامية.. عالمية!
***
في المقابل، نجد ان المجتمع الدولي يرفض على الاطلاق تسليح جيش الكرامة الشرعي بقيادة اللواء خليفة حفتر في ليبيا ويساويه بمنع تسليح داعش وميليشيات فجر ليبيا.. إلخ، مما جعل رئيس الوزراء الليبي الشرعي والمنتخب عبدالله الثني يشتكي لطوب الارض من اعمال ممثل المجتمع الدولي برنادينو ليون، حيث الألسنة والأدعية مع الشرعية، والاسلحة والاعمال الحقيقية مع الميليشيات المسلحة حتى اصابتها التخمة، فباتت تصدر الاموال والرجال والاسلحة والمتفجرات إلى الدول المجاورة.
***
في سورية، يعتبر سكوت المجتمع الدولي ـ ممثلا بديمستورا الذي فقد حاسة الشم فلم يعد يشم الغازات السامة جوا ـ عن استخدام النظام الاسلحة الكيماوية الممنوعة (لا زالت تستخدم حتى اليوم) والبراميل المتفجرة التي لا تفرق بين البشر، دعما مباشرا للنظام، كما يصب في دعم النظام عدم خلق مناطق آمنة(NO FLY ZONE) كما حدث سابقا في العراق، وعدم منح المعارضة المعتدلة ممثلة بالمؤتمر الوطني وجيشه الحر أسلحة نوعية مثل الصواريخ المضادة للطائرات والدروع التي هزمت في السابق الاتحاد السوفييتي في افغانستان (لا كرامات تجار المخدرات الكاذبة).
***
يقابل ذلك تخذيل المجتمع الدولي لنظام الرئيس عبدربه منصور هادي الشرعي والمنتخب في اليمن حتى وصل الامر بالممثل الدولي جمال بنعمر بعد ان شهد الانقلاب في صنعاء وقلب طاولة الحوار وسجن الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء ان يطلب بنعمر استمرار محادثات «السلم والشراكة الوطنية» في صنعاء لا غيرها، وأي سلم وأي شراكة وطنية بقيت بعد الانقلاب، ولربما كان يودّ ان يجرى الحوار على ابواب السجون، حيث يكون السجان ممثلا بصالح والحوثيين خارجها والمسجون ممثلا بالشرعية ووزرائها داخلها.. وعش رجبا ترى عجبا!
***
آخر محطة: لو حسنت النوايا وعزم المجتمع الدولي بشكل جاد على اقرار السلم والامن في المنطقة لاختفت المشاكل والحروب في لحظات، وتلك هي الحقيقة المؤسفة.