تظهر الحقائق التاريخية الجلية ان هناك دولا عربية تم استهدافها والعمل على تدميرها منذ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وذلك عبر إيصال انظمة قمعية لحكمها ليست بالقطع فوق مستوى الشبهات بل تحتها بكثير، حيث كانت تلك الانظمة مشاركة في التآمر على سلامة اوطانها في الجزء الأول من مسلسل تدمير بلدان الحاضرة العربية حتى لا تقوم لهذه الأمة قائمة.
***
وتظهر نفس الحقائق التاريخية ان الانقلابات التي كانت تطبخ في دهاليز المخابرات وأروقة السفارات هي التي أوصلت الأنظمة التي حكمت عواصم مثل بغداد ودمشق وطرابلس الغرب وصنعاء والخرطوم وأدارت القضية الفلسطينية لعقود، وقد خلفت تلك الأنظمة اجهزة قمع وقتل وظلم بهدف تدجين مواطنيها وشعوبها وتهجير الكفاءات الوطنية التي بإمكانها ان تساهم في تعمير بلدانها، واستكمالا لمسلسل الخراب قامت جميعها بإشعال الحروب الأهلية والخارجية التي قتلت الرجال والنساء ويتمت الاطفال ودمرت مستقبل البلدان بعد ان بددت الموارد فيما لا ينفع وتسببت في انفصال الاجزاء كحال جنوب السودان وشمال العراق وما سيحدث في بلاد الشام بالمستقبل القريب.
***
وأكملت تلك الأنظمة تدمير بلدانها عبر سرقة مواردها المالية بالكامل فلم تكن هناك ميزانيات مدققة بل اضحت كل موارد الدولة في جيب القائد الضرورة وحزبه الحاكم، ولم يقم احد من تلك الانظمة العدمية بمشروع تنموي واحد في بلده بل حولوا شباب الجامعات الى جبهات القتال ليقتلوا او يُقتلوا وكي تصبح مهنتهم الوحيدة هي إجادة حمل السلاح الخفيف منه والثقيل اعدادا لهم للمرحلة اللاحقة من التدمير.
***
وقد تسببت الحروب وعمليات التجهيل المتواصلة التي قامت بها تلك الانظمة في زرع بذور التطرف والتشدد وكراهية الآخر في المجتمعات التي حكموها اعدادا للجزء الثاني من مسلسل التدمير الذي نشهده هذه الايام، فبدأت مرحلة الحروب الاهلية والتفتيت والتقسيم المرتبطة ارتباطا وثيقا بالجزء الأول بدلالة التحالف المعلن بين قوى الطغاة السابقين وهم ابعد الناس عن الدين مع الميليشيات المسلحة التي تدعي التدين كداعش والحوثيين وغيرهم.
***
آخر محطة:
السبب والهدف الوحيد لما سمي بالربيع العربي ليس الاصلاح والرفاه والديموقراطية والحرية بل فقط تسليم شعلة الخراب والدمار من قادة مشبوهين ادعوا القومية والاشتراكية لخداع البسطاء الى قادة مشبوهين مخادعين جدد يدعون الدين والاسلامية و.. مشروع واحد ووجوه وأسماء متغيرة للوصول بالأمة ودولها الى القاع.. ولازلنا كما ذكرنا سابقا في بداية المحاق الأكبر لا نهايته!