عشر سنوات من عمر الأوطان هي أقرب لثوان من عمر الإنسان، لذا علينا أن نفكر «بواقعية» شديدة حول ما ستكون عليه أوضاع منطقة الشرق الأوسط عام 2025 مع ملاحظة حتمية ترابط مسارات دول الإقليم، حالنا تماما كحال الأقاليم الجغرافية الأخرى، فقد كانت الدول الأوروبية مجتمعة على سبيل المثال تعاني حتى النصف الأول من القرن العشرين من الحروب والفقر والمجاعات حتى انتقلت بعد ذلك جميعا للسلام والتنمية والرفاه وهو كذلك حال دول شرق آسيا ودول أميركا اللاتينية… الخ.
***
أول سؤال يجب معرفة إجابته الصحيحة لضمان دقة استشراف وقراءة مستقبل المنطقة هو ما هي النوايا «الحقيقية» للمجتمع الدولي والدول المؤثرة في العالم ومعهم توازيا الدول غير العربية بالمنطقة تجاه إشكالات وحرائق الإقليم، أي هل هناك نوايا جادة لإطفائها أم العكس أي الرغبة بإضافة مزيد من الوقود (أسلحة، أموال، معدات) إليها بقصد إضعاف دولها وتفتيتها ولربما الاستيلاء على أراضيها وثرواتها؟! إن الأقرب للحقيقة والواقع والبعيد عن زيف الشعارات والتحركات والأقاويل هو انه لا نية جادة لإنهاء المشاكل (من الذي بدأها بالمقام الأول؟)، لذا سيشهد عام 2025 تقسيم بعض الدول العربية وبعض آخر تضطرم به الفوضى والحروب الأهلية وقلة آمنة ولو إلى حين.
***
على الجانب الخليجي وموارده التي لا ينحصر دورها في دعم التنمية الخليجية بل يمتد لدعم اقتصاديات كافة الدول العربية، فقد يشهد جره لحروب خليج جديدة تستنزف الموارد كحال حروب الماضي، اضافة الى ان بقاء أسعار النفط منخفضة للعشر سنوات المقبلة – كما نتوقع – سيتسبب في خلق عجوزات تراكمية ضخمة في ميزانيات الدول الخليجية يجعلها تستهلك احتياطياتها المالية وتسيل صناديقها السيادية خاصة من لم تبن موارد بديلة للنفط مما سيؤثر على أسعار عملتها واستقرارها بالتبعية، وقد تصبح أي دولة لم تتحوط لذلك المستقبل وبقيت مسرفة على نفسها، أقرب خليجيا لليونان في الاتحاد الأوروبي، إن كرة النار والحروب قد انتقلت من حيث استقرت في أوروبا وآسيا لقرون طوال الى منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا ولا يعلم أحد متى ستنتهي تلك الحروب وإن كنا متأكدين ان نهايتها لن تكون قبل عام 2025!
***
آخر محطة:
(1) أحد أهم علامات الرفاه والازدهار في الخليج هي شركات الطيران الخليجية العملاقة التي تجوب أجواء العالم وتحضر ملايين السائحين والمستثمرين للمنطقة والتي ستحارب مستقبلا بشدة من قبل مشرعي الاتحاد الأوروبي والكونغرس الأميركي (خطاب 250 نائبا للرئيس أوباما) بحجة انها تخل بالمنافسة العادلة عبر الدعم الحكومي الذي تتلقاه.
(2) ولا شك أن الإضرار بتلك الشركات العملاقة سيخلق إشكالات حقيقية للبنى الأساسية التي أقيمت خلال العقود الماضية بالمنطقة مما سيحيلها من إضافة إلى عالة اقتصادية، كما سيمتد الضرر بالتبعية لشركات الطيران الحكومية وحتى غير الحكومية الأخرى بالمنطقة مع التقلص الكبير في السائحين والعاملين والمستثمرين.