لا يزال رئيس مجلس الامة السابق السيد احمد السعدون يواصل تألقه. ففي كلمته الاخيرة في ندوة «المسير والمصير»، اعلن السعدون: «التيارات السياسية تتحمل جزءاً كبيراً من الاوضاع الحالية البالغة السوء ..»، وواصل: «نريد من التيارات السياسية لما تتكلم عن انخفاض اسعار النفط، ان تتكلم ايضا عن تصورها عن المرحلة القادمة (الجاية)».
لكن مع الاسف السيد السعدون لا يواصل تألقه او تقدمه الى النهاية. فهو يبقى في آخر الامر يمثل ويجتر طرحه القديم، فهو يدين التيارات السياسية بوصفها مسؤولة ومشاركة في تدهور الاوضاع، لكن السيد السعدون يطالب بمحاسبة او باسقاط المجلس والحكومة فقط. اما المجاميع «المتخلفة جدا» من المنصتين اليه والمحدقين فيه، يعني محمد الدلال ومحمد هايف ووليد الطبطبائي وخالد السلطان وخالد شخير ومسلم البراك ومبارك الوعلان، وبقية الفرقة الحقيقية لحسب الله، فهم يبقون امل البلد وملاذها الوحيد!
اذا كانت التيارات السياسية مثل الحكومة والمجلس مسؤولة عن الاوضاع البالغة السوء الحالية، حسب تعبير السيد السعدون، فانها يجب ان تتلقى ذات المعاملة وتخضع لنفس المحاسبة. او ان يمنح السعدون الحكومة ومجلس الامة نفس صك الغفران الذي تفضل به لما يسمى بالمعارضة، او للتيارات السياسية بشكل عام.
ما اريد طرحه هنا هو انني مع دعوة السيد السعدون الى الالتقاء الوطني لمواجهة الوضع البالغ السوء. او بالتحديد كما طرحته انا قبل اسابيع، واشار اليه ايضا السعدون، والذي طالبت الدكتور الخطيب بتبنيه، وهو عقد مؤتمر وطني لمواجهة التحدي الذي يمس حياة ومصير كل الكويتيين، انا مع هذه الدعوة، ولكن طبعا بشرط ان تكون دعوة بناء وليس هدم. دعوة طرح الايجابيات وليس التعيش على سلبيات الغير واخطائه، التي برع فيها السيد احمد السعدون ولقنها لمسلم البراك.
دعوة مثل هذه، والسيد السعدون ـ في واقع الامر ـ تبناها عندما طالب المعارضة بتقديم بدائل عن الاوضاع التي تنتقدها، بحاجة قبل اي شيء الى تقبل الآخرين والاستماع الى كل الاطراف. لان الهدف النهائي هو مواجهة التحديات وليس تحدي او مواجهة بعضنا بعضا.
الحكومة والمجلس قد يكونان خاربين. وهما في رأيي خاربين بالفعل. لكن لا السيد احمد السعدون ولا جماعته يشكلون البديل. وليسوا اصلا اكثر براءة او نزاهة. لهذا علينا جميعا ان ننطلق من نقطة الصفر، وان نضع الحلول الحقيقية للتنمية والانعتاق من «الوضع البالغ السوء»، وبعدها نحكم على الحكومة او مجلس الامة او جماعة السيد السعدون او غيرهم بناء على موقعهم من هذا كله.