يولي مجلس الامة والحكومة اهتماما منقطع النظير لقضايا سكن المواطنين ومن يتابع الخطط الحكومية التنموية ومشاريعها المختلفة فسيجد ان معظمها يصب في مصلحة المواطنين وهذا امر طبيعي وعادي ومقبول في اي دولة مادام المواطنون هم الذين يعملون وينتجون ويدفعون الضرائب والرسوم ويؤدون الخدمة العسكرية وعلى عاتقهم تقع مسؤولية تطوير وتحديث بلدهم.
واقع الحال في الدولة الريعية النفطية هو ان المواطنين يشكلون ثلث السكان ويستحوذون على كل اهتمامات الدولة لكن يبقى السؤال ما خطط الحكومة تجاه سكن غير المواطنين الذين يشكلون الاغلبية بنسبة %70 من السكان حيث يصل عددهم الى حوالي 3 ملايين نسمة، وهم منقسمون الى شرائح اجتماعية عدة من جنسيات عربية واجنبية عدة يشكل الآسيويون الاغلبية منهم.
لقد تركت الحكومة امر سكن هؤلاء عدا خدم المنازل والسواق والطباخين للاهالي للعناية بسكنهم مع العائلة.. اما البقية فيتولى القطاع الخاص امر ايوائهم في العمارات السكنية الاستثمارية داخل البلد او خارجها.
اليوم وبعد تدفق العمالة الاجنبية والعربية بأعداد كبيرة لتنفيذ مشارع التنمية علينا ان نخطط جيدا، لنضرب مثلا بمستشفى جابر الاحمد الذي سوف ينتهي العمل به قريبا، هذا المستشفى يحتاج الى عمالة بحدود 5000 شخص منهم الطبيب والممرض وفني الاشعة والصيانة والكهرباء.. الخ، هؤلاء يحتاجون الى اكثر من 1000 وحدة سكنية وبافتراض ان العمارة الواحدة يوجد فيها 30 شقة معنى ذلك اننا نحتاج الى 30 عمارة سكن لإيواء العاملين في مستشفى واحد لغير المواطنين.
المشكلة القادمة هي رفض الكويتيين الشباب السكن في المناطق الاستثمارية لارتفاع الايجارات وعدم ملاءمة العمارات السكنية لهم لكثرة العزاب والازعاج، لذلك لجأ معظم الكويتيين للتأجير في المنطاق السكنية النموذجية مما دفع بأصحاب البيوت والأراضي السكنية الى توسعة وتحويل بيوتهم شبه عمارات استثمارية في المناطق السكنية.. وهنا زاد الضغط على الخدمات بكل انواعها وهذا بدوره ادى الى ارتفاع اسعار الاراضي لارتفاع الدخل من التأجير في المناطق السكنية للعائلات.
هذا التوجه يدحض الادعاء بأن المواطنين يرفضون السكن في الشقق اذا توافرت المواطنون عندما يلجأون ويطالبون بالبيوت الحكومية.. الهدف منه ليس السكن فقط بل التملك للأرض.. كطريق لتحقيق الثروة.
نعود الى موضوع السكن لضيوف الكويت من العاملين في البلد، المشكلة تكمن في سوء التخطيط الحكومي الذي خلق مشكلة بالعرض والطلب على الاراضي في المناطق السكنية.
الحل العقلاني يتطلب ان تبيع الحكومة قسائم للسكن الاستثماري للشركات الخاصة مع توفير الخدمات المختلفة لاستيعاب الزيادة الهائلة لعدد الوافدين والشباب الكويتي الراغب في تأجير الشقق.
لا توجد حكومة في العالم تتولى توزيع السكن على كل المواطنين، المعمول به في كل الدول هو توفير الحكومة للاراضي للقطاع الخاص.. ومهمة القطاع الخاص توزيع الاراضي وتوفير كل الخدمات المطلوبة وبناء نماذج مختلفة للمنازل. ويتم شراء المنازل عن طريق البنوك العقارية.. هل يعقل ان يستمر ارتفاع الاراضي الجنوني في الكويت بينما الاراضي المستغلة فقط %8 من مساحة الكويت والبقية %92 تحت الاحتكار الحكومي، حرروا الاراضي واتركوا القطاع الخاص وشجعوا المنافسة والشفافية وحتما سنحل معظم مشاكلنا.