في الوقت الذي تنشغل فيه دول التحالف في محاربة تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» لا احد يلتفت الى مرحلة ما بعد القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية، فالامور مازالت غير واضحة المعالم.
شيوخ قبائل السنة الذين زاروا واشنطن اخيرا اكدوا حصولهم على ضمانات امريكية لتشكيل قوة سنية منظمة ولكن «الامريكان» لم يعطوهم تصورات لوضع المحافظات السنية بعد القضاء على «داعش»، هيئة علماء المسلمين وصفت اشادة مسؤولين امريكيين بالتدخل العسكري الايراني في العراق بالمهزلة واوضحت في بيان لها ان هذا الامر يعتبر تمردا على كل ما هو ثابت في القوانين الدولية ومواثيق الامم المتحدة، ولفتت إلى ان الاشادة مؤشر واضح على حجم التعاون والتنسيق بين الولايات المتحدة وايران في الملف العراقي فضلا عن الدعم الامريكي للجرائم التي ترتكبها ميليشيات الحشد الشعبي من خطف وقتل وابتزاز وتهجير وحرق منازل.
الجنرال الامريكي جيمس تيري صرح بأن حلفاء الولايات المتحدة تعهدوا بإرسال نحو 1500 جندي الى العراق للمساعدة في ترتيب القوات العراقية والكردية وتقديم المشورة لها في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية.
يبدو ان الولايات المتحدة بالتنسيق مع ايران تتجه نحو تعزيز الكيانات العراقية الثلاثة «اكراد – سنة – شيعة» فدولة العراق القوي الموحد قد انتهت وبدأ الاهتمام بتمزيق العراق الى كيانات ثلاثة.
ما هو مستقبل العراق؟ وهل يمكن ايجاد نظام سياسي صالح يستطيع توحيد العراقيين كما كان يطالب رئيس الوزراء العراقي الأسبق اياد علاوي.. وخصوصا ان السياسيين الحاليين في العراق ليس من مصلحتهم عودة العراق الواحد بكل كياناته ونسيجه الاجتماعي الموحد؟
السياسيون العراقيون كل منهم يفكر بمصالحه الشخصية أو الحزبية والطائفية على حساب وحدة العراق.. السياسيون العراقيون سواء من تدعمهم امريكا أو ايران لا يفكرون بالعودة للعراق الموحد كنظام والدليل على ذلك قبول فكرة الحرس الوطني لكل كيان بدعم امريكي، كيف يمكن اطلاق اسم حرس وطني وهو لا يمت الى الوطنية بشيء؟ فالمناطق السنية توجد فيها وحدات عسكرية عشائرية تخضع لقيادة شيخ القبيلة، اما المناطق الشيعية فيوجد فيها وحدات وميليشيات شيعية كثيرة كل فصيل منها يخضع لآمر احد الاحزاب الدينية الشيعية وتشارك ايران بدعم وتدريب هذه الميليشيات.. والشيء نفسه يطلق على الاكراد.. فكل الذي يفكرون فيه هو دعم قوات البشمركة للدفاع عن مناطقهم وليس الاراضي العراقية.
القادة السياسيون في العراق لم يوافقوا حتى الآن على قانون الاحزاب السياسية لانه يدعو الى الشفافية وكشف حساب كل حزب.. فالفساد المتفشي في العراق لا يمكن كبحه او الحد منه لان معظم السياسيين مشتركون فيه وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وحزب الدعوة الاسلامية.
ليس من مصلحة احد في العراق خلق العداوة والعداء بين مكونات الشعب الواحد وافتعال ازمات طائفية وقومية بين الشعب الواحد، فهل تتجه القوى السياسية إلى العمل المشترك لانقاذ العراق بخلق سياسات توافقية تخدم مصالح الجميع؟.. فتجربة العراق الحديث تدل على أن كل محاولات فرض الحزب الواحد والرأي الواحد والزعيم الأوحد كلها باءت بالفشل لانها لم تأخذ بالاعتبار مصلحة كل طوائف ومكونات الشعب العراقي.