يطلق تعبير «الفنان الشامل» على من يقوم بالتمثيل والغناء والرقص، وشرط أن يكون مبدعا في تلك الفنون الثلاثة إلى درجة الإتقان، ولم يعرف التاريخ السينمائي العربي إلا قلة من هؤلاء المبدعين مثل شادية ونيللي وابنة خالتها «فيروز الصغيرة» ومن قبلهنّ الراحلة نعيمة عاكف.
ولدت، هذه الأخيرة، داخل «سيرك أولاد عاكف» الشهير، وتربت وسط النمور والأسود والأفاعي والتماسيح، وتقول عنها والدتها «إنها تعلمت السير على حبل مشدود مرتفع عن الأرض قبل أن تتعلم المشي على الأرض.. نفسها»!
لعب الإكروبات والنط على الحبال و«الشقلبة» في سقف الخيمة الضخمة أمام الجمهور الغفير كل ليلة أعطى نعيمة جسما رياضيا ومرنا، وبالإضافة إلى جمالها اللافت للانتباه وخفة دمها وموهبة التمثيل -وحتى التقليد- لديها ساعدها لأن تقتحم عالم السينما.
ذلك العالم الذي كانت هي تراه عن بعد يعجّ بعمالقة الزمن الجميل مثل حسين رياض ويوسف وهبي وأنور وجدي وفردوس محمد وكمال الشناوي وعماد حمدي وشادية وصباح والعشرات غيرهم.
قررت نعيمة ألاّ يكون دخولها لهذا العالم الجديد «تقليديا»، بل قامت بتطعيمه من قدراتها الثلاث وهي الرقص والغناء والتمثيل.
شاركت في العديد من الأفلام السينمائية -منها بطولات مطلقة لها- فأبدعت وأمتعت.
وإلى هذا اليوم من شهر ديسمبر عام 2014، ما زال الجمهور يستمتع بأفلامها ورقصها وتمثيلها عبر الفضائيات العربية.
كان عمرها أقصر من عمر الزهور، ومع ذلك، فقد تركت رصيدا هائلا من الحب لدى الناس، وفتك بها المرض اللعين وهي على وشك الاحتفال بعيد ميلادها السابع والثلاثين لتنطفئ شمعة حياتها وهي في أوج توهجها ولمعانها وبريقها.
تدهور حال السينما العربية، فبعد أن كنا نشاهد رقص نعيمة عاكف الجميل وتمثيلها المعبر وغناءها الشجي، صرنا نرى «رقص محمد سعد»، الشهير باللمبي، الذي يشعرنا بالقرف و«لوعة الجبد» وطلع علينا سعد الصغير بصوته «الملسوع» و«هز وسطه» المدهـش لنترحم على أيام الفن الجميـل، عندما كانت الدنيـا كلها عبارة عن لحن شجي ووجه صبوح وعود.. ريان.