طالبنا منذ زمن بضرورة فرض ضوابط وشروط لاقتناء او تربية الحيوانات المفترسة او كبيرة الحجم، لما لهذه الحيوانات من خطورة وقدرة، ان لم يتم التحكم بها، على إيذاء الناس واحداث الاضرار البليغة بالبشر. المؤسف ان مشرعينا تجاهلوا ذلك، ولم يعيروا الامر انتباها حتى قبل ايام قليلة، حين فقدت احدى الوافدات حياتها بفعل هجوم احد هذه الحيوانات المفترسة. اليوم يتقدم خمسة من اعضاء مجلس الامة بمشروع قانون ينظم، او هو بالاحرى يحظر اقتناء هذه الحيوانات. نشكر السادة الاعضاء، ولو انهم تأخروا. لكن يبقى ضروريا ان يصدر مثل هذا القانون، وألا تترك مسألة «ترويج» هذه الحيوانات القاتلة بلا ضوابط او اشراف من مؤسسات الدولة المختصة.
في الدول التي نقل عنها بعض مواطنينا «اقتناء» مثل هذه الحيوانات، يكون الاقتناء بهدف رعاية هذه الحيوانات وحمايتها، عطفا عليها ورفقا بها. هنا هي، وبالكويتي المباشر، لـ«الشحاطة»، بل ان شئنا ان نكون اكثر دقة للمنافسة والمبارزة ولإيذاء هذه الحيوانات وليس لخدمتها او الترفق بها. ليس هذا وحسب، بل ان الحيوانات المعنية هي في الغالب وليدة بيئة المربي او المقتني في تلك الدول. بمعنى انها حيوانات اصلا محلية، وليست غريبة على المناخ او التضاريس التي تجبر على العيش او التأقلم معها. هنا ليست بيئتنا صالحة للاسود او النمور، بل بعد، وبفعل الكثير من التخريب والقليل من التمدن، فإن الحيوانات المحلية مثل الارانب والحصاني انقرضت، ولم تعد تتوافر لها البيئة الملائمة.
اذا سمحت بعض الدول لمواطنيها باقتناء حيوانات كبيرة الحجم، فان السبب الاساسي يعود الى ان هذه الحيوانات هي اصلا بنت البيئة، وموجودة على ارض الواقع كحيوانات حرة في مناطق الحماية والعزلة المحددة لها، اي انها اصلا موجودة او كانت موجودة، تعايشت وتتعايش مع الناس في تلك البلاد. لهذا، فان الحكمة من عدم تصفيتها او حتى تحريمها هي انها «قبل» البشر، وهي في ارضها وموطنها الاصلي.
هنا لسنا بحاجة الى ان يفرض علينا ان نتعلم كيفية التعايش مع نمور واسود، لا لشيء الا لاشباع غرور سفيه، او لارضاء نهم متعطش للشهرة والظهور. لهذا نتمنى ان يرى مشروع القانون النور، وان يسعى نوابنا بجد وسرعة لاقراره، قبل ان يؤدي غرور واستهتار البعض الى مزيد من الضحايا والنكبات.