أكثر من سبعة آلاف مليون وستمائة وخمسة وعشرين ألف رسالة عتب تصلني في اليوم الواحد (مبالغة؟ معلش عديها فصاحبك في أزمة) تعتب عليّ لعدم كتابتي عن أسباب انخفاض البورصة، وعن «البيوت التي تهدمت»، و«ضياع تحويشة العمر»، وبقية الكلام المأساوي الذي يحتاج إلى ناي وشجرة وغروب شمس.
يا سادة يا كرام، والله لا أفقه في البورصة وأسهمها، ولا في الخزينة وسنداتها، ولا في أسباب هبوطها وارتفاعها، وسبق أن أعلنت أنني حين يحدثني أحدهم عن الاقتصاد يصيبني «تنمّل في رجلي اليسرى». وأخشى أن أكتب متعاطفاً معكم، فـ«أحلق القوم عباتكم».
أتفهم حزنكم، لكن الحياة قدرات ومواهب.. والكاتبجي يرفض الإفتاء في ما لا يعلمه، حتى لا يتحول الإفتاء إلى افتراء وهراء.
وبفضل من الله، لا أعتبر نفسي جهولاً في البورصة والاقتصاد فقط، بل، ولا فخر، سيد سادات الجهل في الطبخ، وفي أنواع الدواب، وفي التكنولوجيا، وفي «الدلالة» أي معرفة الطرق، وملك «الرفالة»- الرفالة هي نقيض «اليد التي تُلف بالحرير»- وقد أضطر إلى الاستحمام بسبب أكل التمر! وقد أتكفل بطبخ العشاء في مخيم أو رحلة، فيخرج لك الناتج مزيجاً من خام برنت والنفط الصخري المغشوش، وقد تحتج أوبك، وقد تحتار معاليك (أو تحار بالفصحى الثقيلة)، هل تضعه في بطنك، أم في خزان وقود سيارتك.
ارحموني، أو ارحموا أنفسكم، وتوقفوا عن حثي على الكتابة عن البورصة ومآسيها. وإن سألتموني: «بمَ يُعتمد عليك إذاً؟»، سأجيب: «في السخرية من الأوضاع السياسية وحال العربان»، وأضيف: «في التغزل بالصبايا المترفات»، وسألحق إجابتي ببيت من قصيدة ضيدان بن قضعان: «إن تناوشت القلم والليل داني… ما غدى لي من شرايدها شريدة». ولمعرفة معنى البيت يمكنكم مراسلة الزميل رئيس التحرير أو سؤال الزميل الشاعر مبارك آل خليفة، الجالس دائماً في زاويته في الصفحة الأخيرة لهذا الجورنال.