اليوم هو العاشر من ديسمبر، الذكرى الـ66 لميلاد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي كان في منتصف ليلة شتائية في إحدى ضواحي باريس.
ومع ظهور الوثيقة الأهم التي حددت التفاصيل المطلوبة لاهتمام الدول بكرامة الإنسان، فإن الممارسة الدولية والإقليمية والمحلية توحي بغير ذلك بالمطلق، إضافة إلى التفنن في ابتداع وسائل لكسر الإنسان وبعثرة حقوقه بحجج واهية.
ورغم أن العمر الزمني لـ”الإعلان” هو 66 عاماً، أي بدايات الشيخوخة، فإن عمره العقلي بالكاد بلغ العشرين عاماً، هذا على افتراض التفاؤل، وحسن النوايا، والتفكير الإيجابي، انطلاقاً من المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا سنة 1993.
فعلى الرغم من صدور ما يزيد على أكثر من مئتي وثيقة حقوقية دولية وإقليمية تتجاوز “الإعلان” في تعزيزها لدور الإنسان الحر في صياغة حياته دون قهر أو إكراه، فإن القهر والقمع والتعذيب والحرمان من أبسط الحقوق كالتعليم والرعاية الصحية والعمل وغيرها مازالت منتشرة في الكثير من أصقاع الدنيا، بل إن لدينا حالياً أكبر مأساة إنسانية في التاريخ تجري في سورية وحولها، حيث قارب عدد اللاجئين والنازحين داخلياً الـ10 ملايين إنسان، بينما يتركز الهم الأول للمنظومة الدولية والإقليمية بمعتدليها ومتطرفيها على تحقيق حسم عسكري.
ورغم التطور الشكلي الملحوظ في الآليات الدولية لحماية البشر، كمجلس حقوق الإنسان، والمراجعة الدورية الشاملة، والإجراءات الخاصة، وبداية فعالية العدالة الجنائية الدولية، ومحاكمة مجرمي الحرب، وزيادة حجم مراكز البحث المتخصصة، والمنظمات الحقوقية الدولية غير الحكومية، وتحول نحو 80 دولة إلى دول ديمقراطية أو في طريقها لذلك، وبروز مصطلحات حقوق الإنسان على السطح بشكل يوحي بزيادة الوعي الحقوقي على مستوى العالم، فإن قابلية المجتمعات البشرية للانكسار مازالت كبيرة. ويبدو أننا سنظل هكذا في ما يختص بحقوق الإنسان، خطوة للأمام، هذا إن حدثت، وخطوتان للوراء، بل ربما أكثر.