السيدة كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، اعلنت انها حذرت دولة الكويت من مواجهة عجز مالي حتمي. ولم تربط مديرة الصندوق الدولي بين العجز وانخفاض اسعار النفط، بل ربطت ذلك بالنهج الذي تسير عليه الكويت وبقية دول الخليج. النهج وطبيعة الاقتصاد والمجتمع هو ما يقود او بالاحرى سيقود الى العجز، وليس انخفاض اسعار النفط كما بينت السيدة لاغارد.
الحمد لله ان عندنا من ينصحنا، ويعرض مخاطر وضعنا الحالي بوضوح وشفافية، والا لو ردت على وزرائنا وحكومتنا فإن الوضع مطمئن حسب تصريحاتهم، وان ثبات النفط عند الستين دولاراً للبرميل انقاذ للاقتصاد بالنسبة لهم. علما بان الامر هو كما حددته السيدة لاغارد مرتبط بـ«النهج» الاقتصادي والاجتماعي، وليس له علاقة مباشرة باسعار النفط.
العجز قادم لأن استهلاكنا يتزايد بمعدل اعلى من تزايد اسعار النفط، العجز قادم لان استهلاكنا في تزايد مزمن ودائم، بينما اسعار النفط تنزل وتصعد، العجز قادم، نزل النفط او ثبت عند الستين كما يحلم مسؤولونا، او حتى لو صعد فوق المئة مرة اخرى.
نحن كنا سنكون في ورطة اكبر لو ان الحكومة استمعت الى دعاوى اسقاط القروض ومشاريع المنح والهبات. عجزنا كان سيأتي مبكرا لو انقادت الحكومة لطلبات النواب الشعبويين، وسايرت نهجهم الخاص في توزيع وتدبير الزيادة الجزئية والعرضية في الدخل الوطني.
يجب الاستماع الى نصائح السيدة مديرة البنك الدولي.. ويجب تغيير النهج، والبحث عن فرص جديدة للانتاج والدخل، وسياسات جديدة لتوزيع الدخل النفطي. تغيير النهج كما بينا في مقالات عديدة سابقة لن يكون مجديا ان كان نتيجة قرارات وبرامج حكومية او رسمية منفردة. الناس هم المشكلة هنا.. والناس هم الذين يجب ان يكونوا الحل. اي ان الحل الممكن والناجع لن يكون مجديا ولن يتحقق ان لم يكن نتاج تعاون عام وثمرة جهد وطني مشترك لجميع وكل الاطراف.
مسؤولية الحكومة هنا، هي التمهيد لمثل هذا الحل الضروري، عبر تحميل كل طرف مسؤولياته، ومن خلال وضع الازمة في احضان الجميع، او على الاقل محاولة ذلك. ودفع كل الاطراف والمؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الى ان تتحمل مسؤوليتها الوطنية في المشاركة والحل. اي ان الحكومة مطالبة بالدعوة الى مؤتمر وطني عام، يضع التصورات الحقيقية والعملية لمواجهة العجز الذي حذرت منه مديرة صندوق البنك الدولي.