قرارات السيد وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية، المتعلقة باعادة هيكلة الهرم الاداري في الوزارة، تبدو لنا في محلها، وربما اتت متأخرة في الواقع. لكن نتمنى مخلصين الا تكون بهدف استقصاد البعض، وملاحقة نوعية معينة من القياديين، خصوصا ذوي الانتماءات السياسية منهم. ان ضبط وربط القيادي «المسيس» او المسيَّس بفتح الياء ضرورة وحق للوزير والحكومة. ولكن في المقابل، فان احلال التسييس الحكومي ان جاوزت التسمية مجلس التسييس الشعبي تعسف بحق الناس، واستفراد غير شرعي بالسلطة.
نرحب ونشجع إصلاحات السيد الوزير في وزارة الاوقاف. لكن نشدد ايضا على ان تكون وفق سياسة حكومية شاملة تجتث الفساد الاداري في مجمل مؤسسات الدولة، ويحاسب فيه كل من استغل منصبه او اخل بواجبه، وليس من تنتقيهم الحكومة لأمر في نفس «يعقوب». ان الفساد الاداري في مجمل جهاز الدولة هو المسؤول الاساسي عن التردي العام الذي نعيشه. فحتى التجاوزات، بل والسرقات التي يدعيها الكثيرون تعود اصلا الى «تهاون» هذا الجهاز وتعاونه مع اطراف الفساد.
حتى تكون قرارات الوزير اصلاحية حقيقية ونتيجة سياسة واتجاه عام. يجب ان تكون عامة ايضا. ولا تحصر هذه القرارات او الاصلاح في وزارة الاوقاف فقط. لا يملك لا السلف ولا التلف وزارة الاوقاف، تماما كما لا يملكها وزراء الحكومة. وزارة الاوقاف بالذات مسؤولة عن ادارة اوقاف خلق الله، هذا ما تشير اليه تسميتها ومرسوم انشائها. لكن منذ ان تولت الوزارة مسؤولية الاشراف على اوقاف الناس، فان احدا من اصحاب العلاقة او من ذريات الواقفين لم يعط فرصة المشاركة او حتى الاشراف على اوجه صرف هذه الاوقاف. بينما الواجب والمصلحة العامة يتطلبان ان يكون لهم حق الاشراف والرقابة والادارة، بوصفهم اصلا اصحاب او ذرية اصحاب الحلال. إذ احتل الاخوان المسلمون بشكل اساسي، والسلف بدرجة اقل، المراكز الاشرافية والرقابية في الوزارة. وجيروا المال العام العائد للوزارة لخدمة اهدافهم السياسية. بل حتى اوقاف اهل الخير الحقيقيين لم تسلم من التعدي والعبث السياسي الذي مارسه معظم المهيمنين على الوزارة. ولنا في تبرع الامانة العامة للاوقاف لاتحاد الطلبة دليل ملموس على مدى وجسامة هذا العبث.
مرة اخرى نشد على يد السيد الوزير. ونبارك اصلاحاته المدعاة. ولكن نشدد على ضرورة ان تكون هذه الاصلاحات سياسة عامة وليست استقصادا حكوميا لبعض الناس.