حضرتها بالطبع الحكومة الرشيدة، او بشكل اكثر دقة، وزراؤها الافاضل الذين حرص كل منهم على ان يتحفنا بتصريحات وايماءات معتبرة تطمئن، بل هي تؤكد للمواطنين ان الوضع المالي للدولة سليم، وانه لا خوف ولا هم يحزنون من تراجع اسعار النفط! بذمتكم هذي حكومة ينشد الظهر فيها.. او وزراء يمكن الاعتماد عليهم لمواجهة الكوارث القادمة!
وزراء الحكومة، تقريبا كلهم، تباروا وبدعوا، وهم بكل ثقة يشرحون ويفسرون اسباب الطمأنينة التي يشعرون بها. لكنهم مع الاسف لم يوضحوا للناس ان هذه الطمأنينة مقتصرة فقط على السنة الحالية، ومرتبطة ببقاء اسعار النفط عند مستوياتها الحالية، ومحسوبة ايضا على ثبات الانفاق الحالي من دون زيادة او نقصان. اي ان السادة الوزراء يتحدثون عن ميزانية السنة الحالية والمشاريع التي صرفت مخصصات انشائها، عن الانفاق الحالي للدولة من دون اعتبار للمشاريع المستقبلية او اعتماد لأوجه الصرف القادمة، كمخرجات التعليم وبناء المساكن، والزيادة العامة التي تفرزها شراهة الانجاب الكويتي.
نحن نعلم ان مشاريع ورواتب واجور هذا العام لن تتأثر. فهي جرى احتسابها وانتهى. بل نعلم اصلا ان بامكاننا ان نعيش سنوات على مدخرات الاحتياطي واموال الاجيال القادمة. لكن هذه ستكون، كما عبّر عنها السيد جاسم السعدون، مثل «الذي يتعيش على بيع اثاث البيت». لان الكارثة ستحل عندما لا يبقى شيء للبيع، او عندما نستنزف كل الاحتياطي والمدخرات. وهذا ما سيحدث.. ليس بسبب تراجع اسعار النفط، ولكن بشكل اساسي بسبب تنامي اوجه الصرف وعدم وجود بدائل وروادف للدخل الوطني من النفط. الكارثة قادمة، وعجز الميزانية امر واقع وقادم رغم كل التمنيات والتطمينات. وذلك وللمرة العاشرة، لان الماء زاد على الطحين. يعني المطلوب توفير طحين جديد.. ومحاولات الترشيد او التقتير، اي تقليل الماء، لن تجدي لأنها لن «توكل خبز»، اي لن تخلف اي عجين.
لهذا، ومع احترامنا لحرص وزرائنا على طمأنة مواطنيهم، فان المطلوب توعية المواطنين واستثارة هممهم لمواجهة الكارثة المحققة، وليس تخديرهم بالتطمينات الزائفة وغير المسؤولة.