علمونا صغاراً، أن من جد وجد ومن زرع حصد، والشيخ طلال جد ووجد وزرع وحصد، على ذلك لماذا هذه الثورة الإعلامية (والشعبية كما أتصور) على الشيخ طلال الفهد والاتحاد الكويتي لكرة القدم؟ الشيخ طلال يحمل اليوم مسؤولية الهزيمة الكبيرة لمباراة عمان مع المنتخب، وكأن هذه أول هزيمة للمنتخب "الألماني" الكويتي، وليست أمراً قديماً متأصلاً منذ سنوات في تاريخ الكرة، ومنذ أن أصبحت الرياضة حالها من حال بقية مؤسسات الدولة حكراً على شيوخنا الأفاضل وذريتهم الكريمة يتوارثونها أباً عن جد؟ هم يختارون تنظيمها وإدارتها، ولهم الكلمة الأولى والأخيرة. طبعاً، وعلى الهامش، ليس كل الشيوخ من فريق المحظوظين في التركة الكويتية، بعضهم، وهم بالعادة الأجدر والأفضل، مكانهم في ركن منسي من مؤسسة الحكم.
إذن لماذا نصنع استثناء للرياضة، ونغض الطرف عن بقية إدارات الدولة، لماذا الفشل في إدارة بقية مؤسسات الدولة لا يعني شيئاً عند هؤلاء النواب الغاضبين الذي فتلوا عضلاتهم على الكرة ورئيسها "الشيخ ولد الشيخ" وصمتوا عنها، مع أن تلك المؤسسات، دون استثناء، تدار من شيوخ وأبناء شيوخ أبا عن جد، فلمَ تم تناسي "نجاحاتها الباهرة" لعقود ممتدة من ثوار اليوم الغاضبين؟ أعود لـ"من جد وجد" والشيخ طلال الذي عمل بجد واجتهد، وزرع والكويت حصدت، فهو لم يفرض نفسه على الكرة، ولم يأتِ للاتحاد على ظهر دبابة، بل وصل بعمله واجتهاده وبالانتخابات الحرة، وإذا وضعتم علامات استفهام على كلمة "حرة"، فأيضاً، من حق الشيخ ولد الشيخ أن يرد متسائلاً عن مدى حرية انتخابات مؤسستكم التشريعية، ومعها الكثير من المؤسسات الأخرى في دولة البراميل النفطية و"من صادها بالأول عشى عياله". هل نواب اليوم، ومع كل تقدير، لجدهم واجتهادهم وزرعهم وحصادهم، هم صورة خليجية لنواب مجلس العموم البريطاني مثلاً، فهم وأحزابهم الذين اختاروا الحكومة و"شكلوها" أم هي شكلتهم! لا أدري! مادام الشيوخ يشكلون وجه البلد وقوامه، لماذا نستكثر على شيخ ولد شيخ أن يضطلع، بجزء بسيط من مشيخته، بمسؤولية بعض مهام الدولة! لماذا هي حلال على أولاد عمه، وحرام عليه؟ ألم تكن سلالم الوصول واحدة، سواء كانت في المجلس النيابي وغيره من مؤسسات الدولة، أم في الاتحاد الكروي!
مرة ثالثة، ورابعة، أعود لمن جد وجد، مذكراً جماعات فقدت الذاكرة الوطنية وتعاني الزهايمر الاستغلالي، أن مفردة "وجد" أو عبارة مثل، زرع الغبار وحصد الرمال، يجب أن تكون شعار الدولة، بدلاً من شعارات كثيرة تفيد المعنى ذاته وتسير عليها الدولة منذ لحظة ولادتها النفطية، مثل إذا هبت الرياح فاغتنمها، فبمثل ظرفنا الرديء اليوم مع تهاوي سعر بضاعتنا، يحق لهم أن يتشبثوا بمثل تلك الشعارات الانتهازية، فمن وصل بالأمس، عبر بوابة هبوب الرياح المالية، والمحسوبية والزبائنية، من حقه، أن يرتاح الآن في مركزه الإداري، فهو ليس استثناء للقاعدة الكويتية، بل هو مجرد صورة لها، فلم الغضب على طلال الفهد؟ اغضبوا على أنفسكم، وتحسسوا البطحات التي على رؤوسكم أولاً.
الشهر: نوفمبر 2014
تذكروا زيداً.. ونسوا عبيداً
أعتقد أن موضوع الآلية التي تتم بها تسمية الشوارع والطرقات نالت أكثر مما تستحق من اهتمام، ومن عشرات الكتّاب على مدى سنوات. وبالرغم من وجاهة كل ما كتب وقيل عن عشوائية الطريقة المتبعة، فإن الجهة المعنية لم تلتفت إلى الاعتراضات، بل واعتبرتها وكأنها من أعمال السيادة التي لا علاقة لمن كتب عن الموضوع بها. والأمر ذاته ينطبق على تسميات المناطق السكنية والأحياء الجديدة. وبالتالي لم أفاجأ من كم التخبّط الذي تعيشه لجان، أو لجنة تسمية الشوارع وعشوائية عملها، المضحكة أحياناً، عندما قرأت ما ورد في مقابلة أجراها الزميل جاسم عباس مع رجل الأعمال المخضرم عبدالعزيز أحمد البحر، (أبو عدنان)، أحد مؤسسي جمعية الخريجين، وأول رئيس مجلس إدارة للبنك التجاري، وواحد من أوائل الخريجين، والذي سبق أن تولى عدة مناصب مرموقة، قبل أن يختار التقاعد، من أنه قام بتقديم طلب لكي يتم إطلاق اسم والده على أحد الشوارع، وهذا ما تم بالفعل. وهنا نتساءل: كيف نسيت الجهات المعنية إطلاق اسم شخصية بمكانة المرحوم أحمد البحر، الذي كان أصلا عضواً سابقاً في المجلس البلدي، المسؤول عن تسمية الشوارع ربما، وقبلها في مجلس الأوقاف والمعارف! ألا يعني تجاهل إطلاق اسمه على شارع، وفي الوقت نفسه، تسمية مختلف الشوارع والطرق بأسماء شخصيات غير معروفة، بوجود خلل شديد في آلية التسمية؟ ولماذا لا نجد شوارع بأسماء سيدات كويتيات خدمن الكويت في مجالات عديدة، وكانت لهن بصماتهن البارزة في مسيرة تحرر المرأة من جهل الماضي؟ ونتساءل هنا عن سبب عدم إطلاق أسماء شخصيات علمية عالمية، كان لها الفضل على العالم، وعلى الشعب الكويتي، في التخلص من أمراض كانت تفتك بالملايين سنوياً، على بعض من شوارعنا؟ ولماذا يحظى جنرال رئيس مثل عبدالسلام عارف بشرف إطلاق اسمه على شارع في الكويت (ربما ألغيت التسمية مؤخراً) ولا تحظى به شخصية كويتية كبيرة أو عالمية مرموقة؟ ومن هو «مروان»، هكذا «حاف»، الذي أطلق اسمه على شارع طويل عريض؟
نضع هذه التساؤلات بتصرّف سمو رئيس الحكومة، راجين منه إعادة النظر في تشكيل هذه اللجنة البائسة، إن وُجدت، ووضع معايير واضحة يمكن السير عليها مستقبلاً في عملية تسمية الشوارع والمناطق والطرق السريعة، أقول ذلك وشعور ما يكتنفني بأن بقاء الوضع الحالي ربما يخدم حاجة معينة، فهو طريقة أخرى، كتوزيع الجواخير، ربما لشراء الولاء.
• ملاحظة: ربما تكون وزارة الداخلية، بجهود مدير العلاقات العامة والتوجيه المعنوي فيها، العميد عادل الحشاش، الاستثناء النادر في الرد على كل ما يرد في الصحافة من انتقادات للوزارة.
أحمد الصراف
«خداي» الكويت و.. «وخداي» البحرين!
كتب الأديب والسياسي ورجل الدولة البحريني الراحل «يوسف الشيراوي» مقالا ساخرا في احدي الصحف الكويتية عام 2000 مازال الكويتيون يضحكون على ما ورد فيه من غمز ذكي كتبه المرحوم خلال زيارة قام بها للكويت في .. الخمسينيات! يقول الرجل: «لاحظت أن أهل الكويت يضعون طاسة تحت البرمة – أو الحب بكسر الحاء المصنوعة من الفخار لتتجمع بداخلها نقاط الماء المتساقطة وعندما تمتلئ يلقون بهذا الماء للدجاج والطيور الداجنة التي يربونها في بيوتهم، علما أن هذا الماء أكثر نقاء وصفاء وعذوبة من ذاك الذي يشربونه مباشرة من البرمة، ثم يقولون عنا في البحرين إننا أهل خداي البحرين بينما خداي الكويت فاقنا بكثير!!» و.. كلمة «الخداي» – للقراء غير الناطقين باللهجة الكويتية والبحرينية – تعني .. «السذاجة او قلة الفهم أو حتى العبط» وحتى اليوم، وبعد مرور أكثر من أربعة عشر عامًا علي نشر الملاحظة الساخرة من الراحل «الشيراوي» مازال اهل الكويت يتذكرونها ويقولون لأنفسهم.. «والله كلامه عدل.. هالريال»!! هناك مثال آخر ربما لم يلاحظه الأديب الكبير «يوسف الشيراوي» ليكتبه في مقاله، لكنني لاحظته وكتبته فقرأه اهل الكويت ودهشوا لأن أحدًا لم ينتبه له عبر عقود من الزمن، اذ اعتاد أهلنا على ترديد جملة.. «الله لايغير علينا»، مع أنهم أكثر شعوب العالم شكوى من.. الفساد والرشاوي والبيروقراطية والديموقراطية «التعبانة» وأزمات الإسكان والصحة والتعليم والطرق «والجنوس» و«البويات» والمخدرات وقائمة طويلة لن تكفيها صحيفة بكاملها ، ومع ذلك فإن الكويتي يردد علي الدوام جملة لم يحاول قط أن يفهم المغزى منها وهي «الله لايغير.. علينا»! فهل يريد استمرار الحال على ماهو عليه أم أن له فيها .. «مآرب أخرى»؟!. متابعة قراءة «خداي» الكويت و.. «وخداي» البحرين!
«هنا المواطن»… وكفى!
هنا المواطن: العاشق للوطن والمضحي من أجله بالغالي والنفيس وأعلاه الروح والدم. هو المحور وهو مصدر السلطات، ولأنه كذلك، من حقه أن يشارك ويمنح صوته لمن يثق في أمانته ونزاهته وقدرته على خدمة الوطن، وله تماماً، الحق في أن يقاطع ويحتفظ بصوته حين لا يجد لذلك الصوت رجعاً أثيرياً يجعله يطمئن على مستقبل وطنه ومستقبله ومستقبل عياله. هنا المواطن: الذي يعرفه القاصي والداني، بأنه لا يفرّط في شبر من وطنه «البحرين». هو «كيان» ونموذج رائع بين كل شعوب الدنيا في ارتباطه بالأرض والتاريخ والنخيل والبحر، ولهذا، يستحق أن يعيش معززاً مكرماً لا تتلاقفه النوائب والمصائب، ولا يرضيه أن يكون ألعوبة في يد كائن من يكون.
هنا المواطن: الذي قبل أن يهدّده هذا ويرهبه ذاك، عليه أن يدرك بأن «البحريني» يحمل في وجدانه عزة نفس وأنَفَة ورقياً وطيبة وكرماً، ومن حقه أن يعيش في كرامة لا تشوبها منة أو انتقاص. وإذا كان الأمر مرتبطاً برفعة البحرين. فهو أول من يتقدم بإخلاص بكل ما لديه من قدرة وإمكانية ويساهم في البناء رافعاً بيرق بلاده.
هنا المواطن: الذي من العيب أن يتناسى البعض أوجاعه وآلامه وأنينه، ويغلق الأبواب أمامه، في وقت حاجته الشديدة وظروفه القاسية، ثم يأتي في لحظة ما، عارضاً عليه شراء تلك الأوجاع والآلام بوعود لا تغني ولا تسمن من جوع.
هنا المواطن: الذي له الحق في أن يكون له موقف مبدئي من أولئك النواب الذين لم يتمكّنوا طوال 12 عاماً من أن يكونوا صوتاً له وللوطن، فما لقي منهم إلا القهر والصدود.
هنا المواطن: الكريم المتعلم المثقف الذي لا يحتاج للطارئين على معاني «الوطنية» أن يصيغوا له الملاحم والدروس في الولاء والعطاء وحب الوطن، فليست الديمقراطية شعارات يرفعها من يشاء وقتما يشاء، ثم يسقطها تحت قدميه وقتما يشاء.
هنا المواطن: الذي لو جهر بما في قرارة نفسه من عذابات وآلام، لوجد أولئك الذين خيّبوا ظنّه تحت قبة البرلمان بأنه معذور في أن يقف منهم الموقف الرافض لمنحهم صوته، أو حتى لغيرهم حين لا يجد منهم من هو قادر على حمل مسئولية الوطن وشعبه بأمانة.
هنا المواطن: الذي يرفض التخوين والإساءة والشتم والتنكيل والإقصاء لأي مكون، بل لأي مواطن مهما كان انتماؤه الديني والسياسي، ومن أيّ طبقة اجتماعية كان. فهذا الإنسان الرائع لا يعرف العنصرية والطبقية والطائفية، بل يعرف جيداً من هم أهل العنصرية والطبقية والطائفية والمتاجرين بالأوطان.
هنا المواطن: الذي لا يمكن لأي طرف أن يشكّك في استعداده الفطري التام لخدمة وطنه وشعبه، لكنه يريد أن يرى طريقاً واضحاً يتيح له الحيز الأكيد للمشاركة الفاعلة التي يجني ثماره هو وأولاده وأحفاده وكل إنسان يعيش معه في هذا البلد الكريم.
هنا المواطن: الذي ما عاد يريد نائباً يحقق المكاسب الشخصية على صوته وظهره وعذاباته فيترك قضايا المواطن التي تشغل باله وحياته اليومية، ويكتفي بالتصريحات الرنانة والانجازات التي لا تعدو كونها بهرجات إعلامية، والذي ما عاد يثق في مسئول لم يحمل على عاتقه (الأمانة الوطنية بصدق).
يقف المواطن البحريني الأصيل الشريف المخلص لوطنه أمام نائب سابق عاد للترشح مكرّراً ذات الاسطوانة المخادعة التي استخدمها يوماً ما، فيسمع من ذلك المواطن اللوم والعتاب والتقريع، فيبتسم مبرّراً بأن التجربة مستمرة وبدعمه وبصوته تنجح! ثم ما يلبث أن يتضايق حين يسمع القرار: «سأصوت لمن هو أكفأ منك»، أو «لن أصوت لأحد إطلاقاً». هو (وطني) هو (أمانتي) هو(صوتي) وأنا مسئول عنه أمام رب العالمين.
وتبقى الخلاصة دائماً: البحرين الغالية تحتاج إلى المخلصين الصادقين… وكفى.
الحاج «غيليوم» و.. الحاخام «الساعاتي»!
أكثر ما يغضب الإنجليزي أو الفرنسي أن تقول «ألمانيا.. قلب أوربا» فهي بالفعل كذلك جغرافيا لكنهم يرفضون هذه الجملة لتاريخ العداء الطويل ..بينهم!! الفرنسيون لديهم ثلاثمائة نوع من الجبنة والإنجليز لديهم ثلاثمائة نوع من الويسكي والألمان لديهم ثلاثة آلاف نوع من البيرة ليس هذا فحسب فالإمبراطور الفرنسي الشهير «نابليون» لبس العمامة والجبة والقفطان وضحك على المسلمين البسطاء في مصر وذهب إلى الأزهر وجلس يستمع إلى مواعظ المشايخ ! الإنجليز أولاد «ستين في سبعين» غاصوا في الشرق والغرب واشتروا تسعة أعشار علماء الشيعة والسنة حين ابتدأ استعمارهم للوطن العربي قبل اكثر من مائة عام من أصغر قرية على بحر قزوين شمالا وحتى أخر ميناء بحري في جزيرة العرب جنوبا ! متابعة قراءة الحاج «غيليوم» و.. الحاخام «الساعاتي»!
أنصاف الحلول هي الحل في سورية
السياسة هي فن الممكن، والممكن هو جوهر مبادرة المبعوث الأممي الجديد لسورية ستيفان دي ميستورا. الجيد أن المعارضة السورية المعتدلة تعترف هي الأخرى بهذا «الممكن»، فلم تدخل في سباق مزايدة وتطالب بكل شيء أو لا شيء، فهي محاصرة من العدو والصديق والإنسانية، والشتاء القاسي الذي يدهم ملايين اللاجئين السوريين لم يحرك العالم في الأعوام الثلاثة الماضية، وبالتالي فلن يحركهم هذا العام، بل إن جيران سورية باستثناء لبنان شرعوا في دمج اللاجئين باقتصادياتهم الوطنية، ما يعني أنهم على استعداد للتعود على الحال السورية لأعوام طويلة مقبلة.
فما هو هذا «الممكن»؟ إنه مبادرة أعلنها دي ميستورا قبل أيام تقوم على أن «الحل في المدى القصير ليس مرحلة انتقالية ولا محاصصة سياسية، بل تجميد الحرب كما هي عليه، والاعتراف بأن سورية أصبحت لا مركزية في مناطق على فوهة البندقية»، ذلك أنه باتت في سورية «مجموعات متمردة كثيرة مع أجندات متناقضة محلية ودولية، لا يمكنها التوصل إلى اتفاق كبير» في البلاد، في وقت «يعرف» الرئيس بشار الأسد أنه «لا يستطيع استعادة السيطرة على كامل البلاد وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء»، إذاً المطلوب حالياً «وقف فرامة اللحم» في سورية وتوسيع اتفاقات وقف النار المحلية على أساس ثلاث أولويات تتعلق بـ«خفض مستوى العنف وإيصال المساعدات الإنسانية وزرع بذور الحل السياسي»، ما سبق كان ما نقله حرفياً الزميل إبراهيم حميدي في هذه الصحيفة على لسان المبعوث الأممي، فيما اعتبره المراقبون «انقلاباً» على صيغة «جنيف 1 و2»، التي تقوم على تنحي بشار وتشكيل حكومة انتقالية يفترض أن تكون مسؤولة عن كامل الجمهورية السورية، وهو ما يبدو أنه انتهى لدى دي ميستورا والمجتمع الدولي المتضامن مع خطته، ما قد يرعب المعارضة السورية المعتدلة ودول المنطقة، لولا أن خطته تفضي في النهاية إلى تفاوض بين المعارضة والحكم يؤسس لجمهورية جديدة. متابعة قراءة أنصاف الحلول هي الحل في سورية
يا شعب
يا شعب شدّ الحزام وخلّهم يشبعون
وازرع بلادك وهم يجنون خيراتها
ولا تصدّق كلام مهبّلٍ يصرخون
الناس بأفعالها ماهيب بأصواتها
«خلسة في كوبنهاغن»: آلام الشتات الفلسطيني وتحولاته
أبدعت سامية عيسى في روايتها الصادرة في بيروت هذا الخريف (خلسة في كوبنهاغن) في وصف آلام الشتات الفلسطيني ومتاهاته وتعقيداته. إذ تفرض الرواية المؤثرة على القارئ تساؤلات عميقة حول الوضع الشتاتي الذي:
«مزق العائلات والناس ومزق بينهم وبين أنفسهم، فصاروا يتخبطون ويتساقطون أحياء وأمواتاً في برد المنافي على غير هدى. حاولوا أن يرتقوا التمزق بنشاطات سياسية وأخرى اجتماعية وفولكلورية، لكن الشتات ظل يلاحقهم في أرض الشتات نفسها كلما حدث شيء في غزة ولبنان أو حتى في شوارع كوبنهاغن أو لبنان وسورية». متابعة قراءة «خلسة في كوبنهاغن»: آلام الشتات الفلسطيني وتحولاته
مصر الآسرة للإرهاب
أكتب من مصر التي استطاعت أن تتحول من بلد أسير للإرهاب كحال الصومال وليبيا واليمن وغيرها إلى بلد آسر للارهاب الذي يندحر ذليلا أمام جيشها العظيم، فالأمن والأمان في كل مكان من مصر العروبة ولم تتبق إلا فلول قليلة مهزومة من الإرهابيين تتناقص أعدادها مع كل يوم يمر.
متابعة قراءة مصر الآسرة للإرهاب
الخليجيون.. الخلاف والوفاق
تعد دول الخليج العربي آخر قارب نجاة عربي يمكن عن طريقه إخراج ما تبقى من العرب بعد تحطم غرق سفينة العربية في محيط الثورات.
شاهدنا في الأمس القريب أعمق أزمة سياسية مرت بها العلاقات الخليجية – الخليجية، والتي شكلت تهديدا وجوديا لمنظومة مجلس التعاون الخليجي أقوى تحالف إقليمي عربي على الإطلاق.
الكل يعرف أن أصل المشكلة يعود إلى اختلاف وجهات النظر لبعض دول الخليج حول العديد من القضايا العربية المهمة كثورات الربيع العربي والإخوان والقضية الفلسطينية، تحول هذا الاختلاف في وجهات النظر إلى خلاف سياسي، لم يستفد منه الخليجيون وكاد يستفيد منه أعداؤهم.
أولى تلك القضايا هي الثورات وعلى رأسها الثورة المصرية، حيث كانت قطر تدعم الثورة المصرية منذ بدايتها وتتمسك بحكم الرئيس المعزول مرسي، أما السعودية والإمارات، فعلى النقيض منها تماما – الكل سعى إلى ما يعتقد أنه صواب وفي النهاية استقر الوضع في مصر ولم يعد بإمكان الخليجيين تغيير الواقع ولو أرادوا.
القضية الثانية هي الإخوان – بالرغم من أنهم حزب سياسي كغيرهم من الأحزاب، حاولوا الوصول للسلطة – ووصلوا لها ولكنهم فقدوها سريعا، وبغض النظر لماذا وصلوا إليها ولماذا فقدوها؟ يجب ألا يكون الدعم بهذا الحجم ولا العداء بهذا الحد – فهم الآن خارج مواقع التأثير في الكثير من الدول العربية، وليس من المنطق جعلهم موضوعا خلافيا.
أما القضية الثالثة والأكثر تعقيدا وربما ستكون القضية الأكثر استمرارا في قضايا الاختلاف الخليجي والعربي أيضا – فهي القضية الفلسطينية.
لا شك أن حماس تمثل مقاومة عربية في وجه الصهاينة المحتلين، ولكنهم يحملون جينات الإخوان السياسية المرفوضة في كثير من الدول، ومن جهة حماس لا تنسق سياستها مع أقطاب السياسية العربية مصر والسعودية، ومن جهة أخرى حماس قريبة جدا من العدو الرئيسي للمنطقة وهي إيران.
حتما سيتجدد النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل وستكون مواقف حماس موضوعا للاختلاف الخليجي مرة أخرى إلا إذا سعت الأطراف الخليجية إلى عمل مصالحة فلسطينية توحد الفلسطينيين ومن خلفهم الخليجيون والعرب، وهذا هو المرتقب.
في الختام – كان لدول الخليج أدوار مختلفة في المشهد العربي، والكل حاول المساعدة بطريقة مختلفة وربما متناقضة، بحسب ما يراه صوابا من وجهة نظره ومصلحة – وبغض النظر هل نجحت تلك الأدوار أو فشلت فالمؤكد أنها انتهت تقريبا – ومع انتهائها ترسبت بعض الشوائب في العلاقات الخليجية ـ الخليجية تحتم إزالتها والتفكير بجدية بآخر التحديات والتهديدات المشتركة والتي يجب مواجهتها متوحدين، الخليجيون يدركون أن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم – ويؤمنون بأن بإمكانهم الاختلاف حول بعض السياسات في أوقات الرخاء ويؤمنون اكثر بالاتفاق في أوقات الشدة كما هو الحال الآن.
٭ ملاحظة: أكثر من عام كامل من الرحلات المكوكية بين العواصم الخليجية قام بها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد من أجل إزالة الخلاف بين الأشقاء ولتقريب وجهات النظر، تكللت بالنجاح مع انعقاد قمة الرياض الأخيرة، فشكرا باسم كل الشعب الخليجي «لحكيم الخليج وقائد الإنسانية» على جهودك.