هنا المواطن: العاشق للوطن والمضحي من أجله بالغالي والنفيس وأعلاه الروح والدم. هو المحور وهو مصدر السلطات، ولأنه كذلك، من حقه أن يشارك ويمنح صوته لمن يثق في أمانته ونزاهته وقدرته على خدمة الوطن، وله تماماً، الحق في أن يقاطع ويحتفظ بصوته حين لا يجد لذلك الصوت رجعاً أثيرياً يجعله يطمئن على مستقبل وطنه ومستقبله ومستقبل عياله. هنا المواطن: الذي يعرفه القاصي والداني، بأنه لا يفرّط في شبر من وطنه «البحرين». هو «كيان» ونموذج رائع بين كل شعوب الدنيا في ارتباطه بالأرض والتاريخ والنخيل والبحر، ولهذا، يستحق أن يعيش معززاً مكرماً لا تتلاقفه النوائب والمصائب، ولا يرضيه أن يكون ألعوبة في يد كائن من يكون.
هنا المواطن: الذي قبل أن يهدّده هذا ويرهبه ذاك، عليه أن يدرك بأن «البحريني» يحمل في وجدانه عزة نفس وأنَفَة ورقياً وطيبة وكرماً، ومن حقه أن يعيش في كرامة لا تشوبها منة أو انتقاص. وإذا كان الأمر مرتبطاً برفعة البحرين. فهو أول من يتقدم بإخلاص بكل ما لديه من قدرة وإمكانية ويساهم في البناء رافعاً بيرق بلاده.
هنا المواطن: الذي من العيب أن يتناسى البعض أوجاعه وآلامه وأنينه، ويغلق الأبواب أمامه، في وقت حاجته الشديدة وظروفه القاسية، ثم يأتي في لحظة ما، عارضاً عليه شراء تلك الأوجاع والآلام بوعود لا تغني ولا تسمن من جوع.
هنا المواطن: الذي له الحق في أن يكون له موقف مبدئي من أولئك النواب الذين لم يتمكّنوا طوال 12 عاماً من أن يكونوا صوتاً له وللوطن، فما لقي منهم إلا القهر والصدود.
هنا المواطن: الكريم المتعلم المثقف الذي لا يحتاج للطارئين على معاني «الوطنية» أن يصيغوا له الملاحم والدروس في الولاء والعطاء وحب الوطن، فليست الديمقراطية شعارات يرفعها من يشاء وقتما يشاء، ثم يسقطها تحت قدميه وقتما يشاء.
هنا المواطن: الذي لو جهر بما في قرارة نفسه من عذابات وآلام، لوجد أولئك الذين خيّبوا ظنّه تحت قبة البرلمان بأنه معذور في أن يقف منهم الموقف الرافض لمنحهم صوته، أو حتى لغيرهم حين لا يجد منهم من هو قادر على حمل مسئولية الوطن وشعبه بأمانة.
هنا المواطن: الذي يرفض التخوين والإساءة والشتم والتنكيل والإقصاء لأي مكون، بل لأي مواطن مهما كان انتماؤه الديني والسياسي، ومن أيّ طبقة اجتماعية كان. فهذا الإنسان الرائع لا يعرف العنصرية والطبقية والطائفية، بل يعرف جيداً من هم أهل العنصرية والطبقية والطائفية والمتاجرين بالأوطان.
هنا المواطن: الذي لا يمكن لأي طرف أن يشكّك في استعداده الفطري التام لخدمة وطنه وشعبه، لكنه يريد أن يرى طريقاً واضحاً يتيح له الحيز الأكيد للمشاركة الفاعلة التي يجني ثماره هو وأولاده وأحفاده وكل إنسان يعيش معه في هذا البلد الكريم.
هنا المواطن: الذي ما عاد يريد نائباً يحقق المكاسب الشخصية على صوته وظهره وعذاباته فيترك قضايا المواطن التي تشغل باله وحياته اليومية، ويكتفي بالتصريحات الرنانة والانجازات التي لا تعدو كونها بهرجات إعلامية، والذي ما عاد يثق في مسئول لم يحمل على عاتقه (الأمانة الوطنية بصدق).
يقف المواطن البحريني الأصيل الشريف المخلص لوطنه أمام نائب سابق عاد للترشح مكرّراً ذات الاسطوانة المخادعة التي استخدمها يوماً ما، فيسمع من ذلك المواطن اللوم والعتاب والتقريع، فيبتسم مبرّراً بأن التجربة مستمرة وبدعمه وبصوته تنجح! ثم ما يلبث أن يتضايق حين يسمع القرار: «سأصوت لمن هو أكفأ منك»، أو «لن أصوت لأحد إطلاقاً». هو (وطني) هو (أمانتي) هو(صوتي) وأنا مسئول عنه أمام رب العالمين.
وتبقى الخلاصة دائماً: البحرين الغالية تحتاج إلى المخلصين الصادقين… وكفى.