خلال سنوات الحرب العراقية – الإيرانية كنا في الكويت، نستيقظ كل صباح على أحد أمرين: إما على صاروخ إيراني ضرب ميناء الشعيبة الذي لا يبعد سوى 7 كيلومترات عن الحدود الكويتية مع السعودية أو طائرة عراقية قصفت ناقلة نفط محملة وهي في طريقها إلى أسواق المستهلكين في العالم، وأحيانا، يحدث العكس! نستيقظ على الطائرة العراقية وبعدها، يلحقها الصاروخ الإيراني! كان المقبور «صدام حسين» يعاني ويقاسي ويتألم، ليس من حربه مع إيران، بل من شبح «جمال عبدالناصر» الذي يلاحظه وهو في جوف قبره! اعتقد «أبوعدي» أن بدلته العكسرية هي بدلة «عبدالناصر» عام 1952، وأن العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 هو ذاته «العدوان – الثلاثيني» الذي وقع على العراق عام 1991 في معركة تحرير الكويت، وأن «الياس خضر» وهو يغني «سيدي.. إشقد أنت رائع سيدي»، هو «عبدالحليم حافظ» في رائعته الثورية: «ناصر.. كلنا بنحبك»! حتى أغنية «آدي إحنا حانبني السد العالي» التي هز بها «العندليب الأسمر» وجدان الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، قابلها إعلام «حزب البعث القائد» بالأغنية «الخالدة» عن «الجسر أبو.. الطابقين»! وميزانية وزارة الإعلام العراقية – زمن تلك الحرب في الثمانينات – تقترب إن لم تعادل ميزانية وزارة الدفاع، وفود من كل مكان في العالم، شعراء وأدباء ورجال صحافة وأحزاب من كل نوع وملة، حتى «جماعة الإخوان» والتي لا تطيق حزب البعث ولا يطيقها البعث تحولت الكراهية المتبادلة بينهما إلى حب أوله في بغداد وآخره في مكتب المرشد العام بوسط القاهرة مرورا بكل رؤوسها الأفعوانية المتعددة في العالمين العربي والإسلامي، من الكويت حتي وهران، ومن طهران إلى.. جاكرتا! متابعة قراءة «بلكت… قلب علينا»؟!
اليوم: 3 نوفمبر، 2014
يا مسلمين!
يا مسلمين! الدين غير الأساطير
الدين صدْق وحُسن خلق وعبادة
والعاقل اللي يدفع الشر بالخير
يزيده الله من نعيمه زيادة
كوبة كوباني!
عند بعض أهل المشرق يقال «جعلك الكوبة» أي الدعوة عليك بالخيبة الشديدة فيما تفعله، كما يستعملها آخرون للدعوة على الرجل بتساقط شعر وجهه من لحية وشارب بها هو أقرب للدعوة عليه بالإصابة بمرض «الثعلبة»، والحقيقة ان هجوم «داعش» على كوباني أصابه بالكوبة، أي الخيبة الشديدة، إضافة الى إسقاط لحى مقاتليه بعد أن أوقفت الفتيات الأكراد تقدم قواته. متابعة قراءة كوبة كوباني!
أنا كيرلس
أكتب لكم من عالمي الخاص. ولدت مصريا وأحببت وطني على الرغم من كل علله ومشاكله، ولم افكر يوما بهجره. أحببت وطني منذ يوم عمادتي في كنيسة القرية. أحببت مصر كما هي منذ أن تخلل بخور الكنيسة وصوت المؤذن الآتي من خارجها شرايني، وأنا طفل صغير. أحببت احترام كاردينال كنيستنا، وتسابق الشمامسة للاحتفاء به، كما أحببت منظر تجمع رجال الأزهر في مساجد القاهرة، التي انتقلت اليها مع أسرتي. أحببت دقات أجراس الكنائس في الكريسماس بنفس قدر حبي لصوت دفوف الموالد ورمضان. أحببت النيل بعظمته ووقاره، كما احببت الترع في قريتي التي كانت مياهها تبللنا وتبلل كل ما كان يتعلق من رقابنا من صلبان وأهلة. أحببت مصر، ورفضت كل دعوات امي لأن التحق بمصنع أبي الكبير، واخترت أن تكون العسكرية طريق حياتي، لكي أدافع عن تراب وطني المقدس.
وفي يوم لا أعرف لونه وقعنا في كمين، وأنهت طلقة واحدة حياتي إلى الأبد، ولقي عدد من رفاقي مصيري نفسه، ولم أكن حينها قد تجاوزت الخامسة والعشرين من عمري.. القصير؟
خفف من حزني على موتي ذلك الشعور بالفخر والاعتزاز الذي ملأني وأنا أراقب، من فتحات نعشي، رئيس جمهورية بلادي وقائد جيشي وجمع مدني وعسكري غفير جاءوا لتوديعي، ونظرت، والعزة تملأني، لوجوه رفاقي، والزهو يملأني، فلم أجد ما يماثلها على وجوههم، بل وجدت دموعا في عين هذا وحزنا على وجه ذلك، وثالث يشيح بوجهه عني، ربما خجلا من أن تلتقي أعيننا، والرابع نظر لي بحيرة وبصمت ولم ينطق بشيء، أما الخامس فقد أومأ لي برأسه، طالبا مني النظر للجهة الأخرى، وهالني ما رأيت! مجموعة من اصحاب الذقون الطويلة والجلابيب القصيرة تحمل لافتة مدون عليها: «لا شهادة لمن مات على ارض المعركة على غير الإسلام». قشعريرة قوية سرت في جسدي، وتساءلت ما هذا؟ وفي الجهة المقابلة وجدت جمعا آخر من خريجي الأزهر يحملون لافتة تقول: كل من مات دفاعا عن وطنه فهو شهيد، ولو لم يكن مسلما. ولوحة ثالثة يحملها من يشبهون الإخوان بسحناتهم وزبائبهم وجباههم الخشنة، كتب عليها: «المشرك مصيره النار، بعد موته»، وأعرف ما يعنيه ذلك، فقد كان زملائي في المدرسة ينادونني، تحببا، بالمشرك. وفجأة ارتفع صوت شجار قوي بين مجموعتين، الأولى للمشاركة في توديعنا، والأخرى لتعطيل تلك المشاركة، وخرجت السيوف والخناجر من أغمادها، وبدأ القتال بين من يقول «شهيد»! وتلك التي تصيح قائلة: «مش شهيد»! وسالت دماء الفريقين وطارت أطراف البعض، وتقطعت رقاب البعض الآخر!
كل هذا هزني من الأعماق، فما الذي يجري لهؤلاء؟ ولم هذا التقاتل؟ سأوارى التراب بعد لحظات وهؤلاء الأغبياء المتعصبون مختلفون على هويتي، أنا «كيرلس فاضل حبيب»! كم أنا حزين لما حدث لوطني ولأبناء وطني!
أحمد الصراف