أشيع، بعد حادثة قيام خادمة أثيوبية بارتكاب جريمة قتل بشعة، أن وزارة الداخلية تنوي طرد، أو عدم تجديد إقامة الأثيوبيات، ومنع استقدامهن مستقبلاً للعمل. وهنا، نتمنى ألا يكون الخبر صحيحاً لكي لا نقتدي بالأنظمة القمعية التي تؤمن بالعقاب الجماعي، خصوصاً بعد أن قامت خادمة آسيوية بإلقاء طفلة رضيعة من الطابق الثالث، فهل ستقوم وزارة الداخلية بمنع الآسيويات أيضاً من العمل في الكويت؟
لا شك في أن شريحة كبيرة من خدم المنازل يتعرضن إلى معاملة غير إنسانية، إن من قبل الجهات الرسمية، أو مكاتب الخدم، أو من مخدوميهن. وهناك حالات تم فيها استقدام فتيات بحجة تعليمهن العربية، وانتهى الحال بهن خدماً، وتقع عصابات الاتجار بالبشر خلف هذه الجرائم. كما ورد في صحيفة كويتية أن مصدراً أمنياً في إدارة العمالة المنزلية بالداخلية كشف للصحيفة عن وجود حملة لمقاطعة الخادمات الأثيوبيات من خلال إرجاعهن إلى مكاتب الخدم، ورفض استقدامهن أو تشغيلهن والاستعاضة بجنسيات أخرى، بعد سلسلة الجرائم التي ارتكبت أخيراً. وقال المصدر إن الخطوة اسفرت عن تكدس العمالة الأثيوبية في مكاتب العمالة وقلة الطلب عليهن واستبدال أخريات بهن، إضافة إلى تدهور أسعارهن. (هل هذا وصف إنساني لائق؟!). وزاد المصدر ان هذه الحملة ستتواصل لحث الداخلية على إبعاد الأثيوبيات عن البلاد حال انتهاء إقامتهن، حرصاً على سلامة المواطنين! ولم تنف الداخلية هذا الخبر، فهل يعني ذلك أنه صحيح؟!
المشكلة أو الكارثة أن عدد الأثيوبيين العاملين في الكويت يزيد على 80 ألفاً، أغلبيتهم من الخدم، ومن المفترض أن هؤلاء يعيلون 80 ألف أسرة في وطنهم، فهل من الإنسانية منع كل هذا العدد الكبير من العمل أو رفض قدومهم إلى الكويت مستقبلاً؟ ولماذا لا يترك قرار الاستقدام لرب العمل نفسه؟
إن المسألة شديدة الحساسية، ولا أرغب هنا في التقليل من بشاعة وخطورة الجرائم التي ارتكبت في المدة الأخيرة من قبل البعض منهن، ولكن هذا لا يجب أن يدفعنا إلى ارتكاب جرائم أكبر بحقهن. أكتب ذلك وأنا لا أعرف أي أثيوبية أو أثيوبي، بل لأطالب بإعطاء هذا الموضوع ما يستحق من أهمية، والبداية قد تكون في نقل المسؤولية عن الخدم من عاتق وزارة الداخلية إلى وزارة الشؤون والعمل. ونثق بقدرة وشجاعة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية ووكيل الوزارة في اتخاذ مثل هذا القرار الحيوي، لتتفرغ الداخلية للمسؤوليات الأمنية الأكثر أهمية وحيوية!
أحمد الصراف