في مصر وأجزاء كبيرة من الوطن العربي هناك من يحاول أن يجعل الإخوان عدوا للدولة والمجتمع، فالقرارات الذي اتخذت ضد جماعة الإخوان المسلمين كانت قاسية جدا، وستحول الصراع من المستوى السياسي إلى المستوى الأمني.
فقرار حظر جماعة الإخوان المصرية والذي تبعه أخيرا حظر قضائي مصري آخر لحركة حماس الفلسطينية، وكذلك اتخاذ بعض الدول الخليجية قرارا يحظر جماعة الإخوان المسلمين ويصفها بالجماعة الإرهابية المتطرفة، كل تلك السياسات لن تقضي على الإخوان، بل ستحولهم فقط من العمل السياسي الى العمل السري.
ومن المؤكد أن الإخوان سيتعرضون في المرحلة القادمة للقمع الأمني وستكون هناك ردة فعل لبعض منتسبيها كاللجوء للعنف المضاد، وبذلك نكون قد عدنا مرة أخرى إلى أخطاء الماضي والتي كلفتنا كثيرا ولم تحقق الهدف في النهاية، فالتاريخ العربي وخصوصا المصري وفي حقبة حكم عبدالناصر حيث تعرض الإخوان للقمع والعنف، ماذا حدث؟
اعتنق بعض الإخوان ممن تعرضوا للعنف القاسي جدا ـ الأفكار التكفيرية ـ واستخدموا الإرهاب ضد الدولة، فكانت حقبة تاريخية مظلمة، تجددت في الثمانينيات من القرن الماضي في اواخر ايام السادات وبداية حكم حسني مبارك، حيث استخدم العنف مرة أخرى ضد الإخوان ككل وليس المتطرفين منهم والذين انشقوا عن الإخوان وأنشأوا «الجماعة الإسلامية».
وبعد كل هذا «العنف والإقصاء» رحل جمال عبدالناصر والسادات وحسني وبقيت جماعة الإخوان اكثر الأحزاب تنظيما وشعبية بين أحزاب مصر جميعا.
العنف والإقصاء لم يكونا حلا ولن يكونا، وبالرغم من اخطاء الإخوان السياسية واندفاعهم للحكم، وسقوطهم في فخ حكم مصر بعد الثورة بإيعاز من أعداء الداخل والخارج الذين زينوا لهم الحكم ومن ثم اظهروهم بمظهر غير لائق ديموقراطيا، الا ان الإخوان وبنهاية الأمر أخطأوا بتشبثهم بالحكم، فلو تركوه قليلا لطالبهم الشارع بالعودة عندما يرى «الفلول» تعاود نشاطها السياسي في مصر.
ختاما، كل الأحزاب والتكتلات في العالم تسعى للحكم، بل هو هدفها الأساسي وهو هدف سام ومشروع، وليس عيبا ان يسعى «الإخوان» كغيره للحكم او ما يسمح به الدستور من تداول للسلطة، ففي مصر وبعض الدول العربية الكل يستطيع ان يترشح للحكم الا الإخوان.
وفي بعض الدول الخليجية ايضا الكل يسعى للاستيلاء على مقاعد البرلمان والحكومة وهذا هدف مشروع إلا الإخوان المسلمين.
أليس من الخطأ محاكمة النوايا، ومن ثم المعاقبة قبل ارتكاب الفعل المجرم؟!
وكان حريا بمن يعتقد ان الإخوان فصيل سياسي سيئ ان يتركهم في الحكم قليلا ليرى الناس فسادهم ويغيروهم بالوسائل السلمية كالانتخابات، لا ان يستخدم العنف بداية ضد الإخوان لأن ذلك سينعكس سلبا على المجتمع مستقبلا.
الخلاصة: نحن صنعنا «القاعدة» لمحاربة أعدائنا والآن تقاتلنا ونقاتلها، ونحن من نضيق على «الإخوان المسلمين» لنصنع منهم «الأعداء المسلمين» لنقاتلهم ويقاتلوننا.