بعض الساسة مثل المولود ناقص الولادة، لا يمكنه العيش من دون حافظة. البرد سيقتله لو خرج من مكانه الدافئ. فائدته الوحيدة هي أنه يكشف لنا طريقة تفكير حاضنته.
والمشروع السياسي كالمشروع التجاري. شبه التوأم. كلاهما يتطلب، من بين ما يتطلب، رأس مال. في التجارة رأس المال هو المال، وفي السياسة رأس المال هو الشعبية الجماهيرية، أو الامتداد الشعبي، والعطاءات في السنين الخوالي.
غاندي مثلاً، أسس مشروعاً سياسياً برأس مال باهظ. مانديلا أيضاً، وديغول، وآخرون كذلك لم يبدأوا مشاريعهم من دون رؤوس أموال.
فأن تدخل سوق السياسة “إيد وراء وإيد قدّام”، لا تحمل معك ولو بطيخة، ثم تأمل تحقيق الأرباح! هذا يسمى هبل الهبال. أما دخولك إلى السوق وسمعتك مضروبة، ومع ذلك تأمل بتحقيق أرباح، فهذه لا يوجد لها مصطلح سياسي حتى اللحظة.
أخونا علي الراشد، عاد لينتقم، أو قل ليثأر. وسمى هذا الانتقام أو الثأر “إصلاحاً”… عاد علي الراشد ومعه جوقته السابقة، وهي جوقة لا تجيد العزف. كل عازف فيها يبحث عن مجد شخصي، أو ينتقم لثأر شخصي، بوضوح يحرج شمس ظهيرة يوليو. وشرعوا يعزفون ويغنّون أمام المعارضة، لكن غناءهم لم يُطرب أحداً، حتى أنصارهم السابقين.
والناس أذواق؛ فمن يستمع إلى ناظم الغزالي لا يحق له انتقاد عشاق صوت عمرو دياب. وفي المعارضة أطياف تبدأ من عشاق “خلف بن هذال” و”حجاب بن نحيت”، و”ملهي الحشاش” بربابته، ولا تنتهي بعشاق “سيناترا” والأميركية السمراء “بيونسي نولز”، مروراً بعشاق “فيروز” و”الست سومة”، وكل فريق بما يسمع طربون.
وعندما غنى علي الراشد وجوقته أمام جمهور المعارضة: “تعالوا نتحد”، سمعها الجمهور: “متى ما أرضتنا السلطة وجبرت خواطرنا المكسورة سننقلب عليكم”. يبدو أن الصوت غير واضح. نحتاج إلى تبديل المايكروفونات، أو تبديل الجمهور، أو طرد الجوقة.