كلما طرح التساؤل عن الأخطار التي تتعرض لها الولايات المتحدة نتيجة سياساتها تجاه فلسطين وإسرائيل والقضايا المتفرعة عنهما تتعمق التساؤلات وتتناقض الأجوبة. فمنذ نهاية الحرب الباردة أصبحت الحروب الأميركية محصورة بمنطقتنا العربية الإسلامية. ولهذا الوضع تفسيرات عدة، لكن أحد هذه التفسيرات مرتبط بطبيعة العلاقة الأميركية – الإسرائيلية التي تتأثر باستمرار بمقدرة القوى المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة على احتكار سياسة أميركا الشرق أوسطية. فأي ربط بين القضية الفلسطينية وبين حروب الولايات المتحدة في الإقليم الإسلامي – العربي وبين أحداث بسوء أحداث الحادي عشر من سبتمبر، يثير عند القوى المؤيدة لإسرائيل الخوف الأكبر. إن سياسة أميركية قادرة على المساهمة في تهدئة العالم العربي وتعبيراته الأكثر تطرفاً كـ «القاعدة» والجهاديين الإسلاميين، ستتطلب توافر شروط عدة من أهمها تغير كبير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل. متابعة قراءة مأزق السياسة الأميركية: إسرائيل
اليوم: 15 يناير، 2014
«أبيهم بدفتر»
كالعادة يطالب نائب وأحياناً مواطن بمنع حدث من أي نوع: ندوة، حفلة، كتاب، دخول شخصية وغيرها، بحجة تعارض الحدث مع العادات والتقاليد، فترضخ الحكومة فوراً حتى وزير الداخلية الحالي الذي قيل عنه إنه ذو شخصية قوية خضع فوراً لمطالبة منع حدث متعلق بالشعر الصوفي بأحد الفنادق.
والغريب في الموضوع أن مطالبات المنع تلقى أسرع أنواع التجاوب الحكومي في الكويت، أما بقية المواضيع فإما تشكل لها لجان شكلية وإما لا تلقى رداً أصلاً من الحكومة، على سبيل المثال موضوع تطاير الحصى من الشوارع الذي شكلت له لجنة، أو مطالبات الفنانين بمسارح من أكثر من ثلاثين سنة ولم تلقَ أي اهتمام إلى اليوم، أو مطالبات الرياضيين بمنشآت محترمة منذ عقود ولم يتجاوب أحد، وغيرها الكثير من المطالبات التي لا تلقى بالاً لدى الحكومة إلا مطالبات المنع التي تتجاوز كل البيروقراطية والتجاهل.
على أي حال فرضوخ الحكومة لأي أمر غير دستوري هو نهج لا يتغير وإن تغير الأشخاص، لكن ما يعنيني حقاً هو موضوع العادات والتقاليد، وهو المصطلح الذي يستخدمه الجميع للنهي عن أمور معينة، فلا الشعر من عاداتنا ولا الموسيقى ولا الثقافة طبعاً إن لم تتناسب مع أفكار المطالبين بالمنع.
مع العلم أن الإسلام لا يعترف بالعادات والتقاليد بل جاء لإلغاء تلك العادات أصلاً، ولو كان نواب العادات والتقاليد موجودين مع ظهور الإسلام لعارضوا كل ما جاء بالرسالة لأنه يخالف العادات والتقاليد حينها، بل إن عادات وتقاليد أيام ما قبل الإسلام باتت تسمى بالجاهلية اليوم في مؤشر واضح على أن ما يتم التعارف عليه عند مجتمع لا يشترط بالضرورة أن يكون صالحاً أو جيداً أو مقبولاً.
قد أتفهم أن تستخدم تلك العادات في أمور اجتماعية كالزواج والأعراف التي تسبقه وشكل الاحتفال به، وأفهمه أيضاً بطريقة تأدية واجب العزاء ولا بأس به أيضاً حينما يستخدم بالفنون كأنواع الموسيقى والإيقاعات المستخدمة لكل مجتمع مثلاً، لكن ما لا أفهمه أن يتم إسقاط العادات والتقاليد على حاضرنا بشكل أكثر من هذا النطاق الضيق، بل إن العادات والتقاليد طريق سريع للجهل، فلا الإنترنت ولا السيارة ولا التلفاز ولا الهاتف ولا التكييف من عاداتنا وتقاليدنا، كما أن من عاداتنا وتقاليدنا الغوص والرعي والأعمال الحرفية بأشكالها كافة، وهو ما يعني أن حتى استقدام العمالة ليس من عاداتنا وتقاليدنا، فلماذا يتم استثناء كل تلك الأمور من مطالب المحافظة على العادات والتقاليد ولا تستخدم إلا ضد الأفكار المخالفة فقط؟
يفترض أننا في دولة يحكمها دستور وقانون ولا مكان للعادات والتقاليد إلا في نطاق الأسر نفسها، وما تتعارف عليه اجتماعيا فقط لا غير، أما أن تتحول تلك العادات والتقاليد إلى نصوص قانونية غير مكتوبة تتحكم فيها الأهواء فهو أمر سخيف، فإما أن تتحول عاداتنا إلى قوانين مقرة بطرق قانونية كي نتمكن من التعاطي معها بشكل مناسب، وإما ألا تبنى عليها قرارات تمس مجتمعاً متنوعاً ومختلفاً.
نحن لا نتكلم عن فريق كرة قدم!
نحن لا نتكلم أيها السادة عن إصلاح فريق كرة قدم، نفرح لفوزه ونحزن لخسارته، نحن نتحدث عن مصير ومستقبل وطن بكينا دما حتى رجع في مصادفة تاريخية لن تتكرر، وطن كريم بالعطاء ومثله بكم الأخطاء التي تحدث به، وطن نخشى عليه من الفوضى والدماء المستقبلية فيما لو وصل مخطط التثوير والتفتيت إلى أعتاب منطقة الخليج.. والمخطط للعلم واصل لا محالة!
***
الكويت بحاجة إلى بادرات إيجابية من جميع الأطراف لخلق حالة تفاؤل وانفراج تمنع التشاؤم والانفجار، بادرات تبث الدفء في العلاقات بين التوجهات السياسية المختلفة بما في ذلك الحكومة، بادرات لا تعتمد على دعم بعض ممثلي الشعب ونسيان الشعب ذاته، بادرات تمنح الأمل للأغلبية من الشباب والنساء والرجال ممن باتت صورة المستقبل قاتمة أمام أعينهم.
***
إن التحديات الحقيقية المقبلة للمنطقة تستوجب العمل الأمس قبل اليوم لتقوية الجبهة الداخلية التي هي الأساس لمقاومة تلك التحديات الخطيرة وغير المسبوقة وهو بالواقع عكس ما يحدث حيث ان أي نظرة منصفة لألوان الطيف السياسية والفئوية للمجتمع تظهر أن الأغلبية المطلقة من تلك الشرائح واحدة بواحدة تقف موقفا سالبا مما يجري ويحدث، ومن ثم يصعب الاعتماد عليها أمام العواصف والزوابع القادمة، والتي اجتاحت بسهولة ويسر دولا أكبر وأقوى منا بمراحل.
***
آخر محطة: 1 – تخندق التوجهات السياسية وأتباعها كل يتربص بالآخر دون تواصل أو لقاء هي مواصفات ملائمة لتناحرات وصراعات وتقاتلات مستقبلية تفتت البلدان كما يحدث في المنطقة، انفراج التوجهات السياسية بعضها على بعض ولقاؤها واتفاقها على مشاريع وقواسم مشتركة هو ما يقوم عليه العمل السياسي الراقي في الدول المتقدمة التي هي أصلب من التناحر وأقوى من الانشطار والتفتيت، فأي من المثالين يجب أن نتبع للحفاظ على مصلحة الكويت ومستقبلها؟!
2 – نرجو الابتعاد عن الاعتقاد بأن الإرضاء بالمال كفيل ببناء دولة قوية قادرة على التصدي للتحديات حيث إن الحقائق التاريخية تظهر العكس تماما فمن تشتريه بالمال سيبيعك بالمال عند أول عطفة، ومقابل كل شخص يتسلم لكسب وده هناك ألف ممن سيحنقون على ذلك العمل الذي لم يعتمد عليه بلد ودامت.. ودمتم.
3 – اتصل بي الزميل داود البصري ليوضح ويصحح بعض ما جاء في مقالنا السابق ومن ذلك أن عفيفة اسكندر لم تكن شيوعية بل ملكية حتى النخاع لإعجابها وعلاقتها الخاصة بالوصي عبدالاله لذا فوقوفها مع الشيوعيين كان نكاية في الانقلابيين قاسم وعارف اللذين أطاحا بالعهد الملكي، كما أفادنا بأن المطرب العراقي الكبير ياس خضر حي يرزق أطال الله في عمره وأبقاه رافدا مهما للطرب العراقي الأصيل.
مكتبة الأب سروج
ينقل عن أحد المؤرخين قوله: إن أردت أن تلغي شعباً ما، فابدأ أولاً بشلّ ذاكرته، ثم إلغاء كتبه وثقافته وتاريخه. ثم تكتب له كتاباً واحداً فقط وتنسب له ثقافة هذا الكتاب، وتخترع تاريخاً من هذا الكتاب وتمنع عنه أي كُتب أخرى عندئذ ينسى هذا الشعب من كان وماذا كان، وينساه العالم!
وبصفتي قارئا نهما، ومحبا للكتاب منذ صغري، فإنني لم أجد اصدق من هذا القول في وصف أهمية القراءات المتنوعة. ولا أعتقد أن هناك طريقة أو سبيلا أفضل لاكتساب المعرفة أفضل من القراءة، بعد أن أصبح معنى الكتاب ضيقاً، حيث تطالع الشعوب وتتعرف على العلوم والأفكارالجديدة من خلال وسائل عديدة، منها الكتاب. وقياسا على ذلك فليس هناك أفضل طريقة لاكتساب الجهل، أو المحافظة عليه، من هجر القراءة، والاكتفاء بنص أو أكثر، وكفى الله المؤمنين القتال، وربما شر القراءة! وأيضا قياساً على ذلك لو قارنا ما يطالعه الإنسان العربي سنوياً، من كتب ودراسات وصحف ونشرات وسماع محاضرات، وبحث عن المفيد من المعارف على الإنترنت، لوجدنا رقما يدعو للخجل، في الوقت الذي نرى فيه شعوبا يعتقد غالبيتنا بـ «دونيتها»، دع عنك الدول الغربية، تقرأ أضعاف ما نقرأ، وتتقدمنا بأميال من المعرفة والتكنولوجيا والاعتماد على النفس، من دون سخافة «أنا كوري، أنا تايلندي»، وأفتخر!
أكتب هذه المقدمة الخلدونية قبل الدخول في موضوع المقال المتعلق بقيام بعض الرعاع، ومن الذين لا يمكن أن يعول المرء عليهم في تقديم أية خدمة «إنسانية» لمجتمعهم، بحرق مكتبة «السائح» التاريخية في طرابلس، لبنان لصاحبها، القس، أو الأب «إبراهيم السروج»، لشكهم في أنه كتب أو روج لمقالات مسيئة للرموز الإسلامية، أو ربما أحرقت المكتبة لأي أسباب أخرى! فالمعنى هنا هو رمزية الفعل. فقيام البعض بحرق مكتبة يملكها رجل دين مسيحي مسالم وكبير في السن، ولم يعرف عنه غير المحبة والدعوة للسلام والوئام، لم يكن عملاً أخرق واعتباطياً، من وجهة نظرهم على الأقل، بل وقصد به تحقيق أهداف عدة. ومهما كانت أسباب هؤلاء، إلا ان سعي بعض المغالين للتخلص من رموز المعرفة في مجتمعاتنا أمر لا يمكن نكرانه، وهي هنا «دار الكتب». فهذا المكان، بمنظور من قاموا بحرق تلك المكتبة، هي دار نشر الشر والكفر. وبالتالي فإن من أحرق المكتبة هدف لتحقيق عدة أمور، وعلينا، كأفراد أن نفعل ما بإمكاننا فعله، لوقف هذا التهجير والتخريب، أيا كان.
أحمد الصراف