بالأمس وقبل الامس تطرق الزميلان العزيزان يوسف عبدالرحمن وخليفة الخرافي ضمن مقاليهما الشائقين الى المطربتين العراقيتين لميعة توفيق ومائدة زهت صاحبة الاغنية الشهيرة «دار ما دارك عبر فيلكا احلى الجزر»، اذا أحلى الجزر ليش تم تهجير أهلها منها؟
والحقيقة ان احدى نتائج ما قام به صدام حرمان الكويتيين من أمرين أولهما النكتة العراقية التي هي في العادة أحدّ وألذع وبالتبعية اكثر إضحاكا من النكتة المصرية، وثانيهما حرماننا من الطرب العراقي الأصيل الذي يشنف الاذن ويفرح القلب وان احتوى على المدة العراقية المعتادة كحال «يا حية يا أم راسين طبي بجدرهم سميلي اهل البيت وخلي ولدهم» و«يضربني طول الليل بالخيزرانة روحوا اسألوا الجيران شمسوية انا» وهذا الحب والطرب ولا بلاش!
***
ولدت المطربة عفيفة «تريزا» اسكندر – عام 1921 اي في نفس عام مولد ناظم الغزالي الذي توفي عام 63 والذي هو زوج المطربة سليمة مراد باشا، وباشا رتبة اعطيت لها وليس لوالدها وسليمة مراد صاحبة اغاني «هذا مو انصاف منك» و«يا نبعة الريحان» و«قلبك صخر جلمود»، وقد اشتهرت عفيفة اسكندر بالجمال والذكاء والاخلاص والثقافة الشديدة، فقد كانت تتكلم بطلاقة 7 لغات، كما انها خرجت حافية كاشفة الرأس تولول وتبكي عند مقتل بكر صدقي عام 37 لمحبتها له، وقد توفيت عفيفة اسكندر عام 2012 عن 92 عاما بعد ان جار عليها الزمن وكانت حادة الذكاء والقدرة على الكلام المنطقي حتى آخر أيامها.
وقد اتهم الرئيس عبدالسلام عارف، عفيفة اسكندر بالشيوعية وانها كانت تدفن قتلاهم في حديقة منزلها كي لا يتعرف عليهم الحرس القومي البعثي فيؤذي أهاليهم، كما توفي قبل مدة قصيرة المطرب الشيوعي العراقي البصري فؤاد سالم صاحب اغاني «ما أحلى هاليعون» و«مشكورة» وقبله المطرب النجفي ياس خضر صاحب اغاني «اعزاز» و«مرينا بكم حمد» وهي من كلمات الشاعر مظفر النواب وقبلهم المطرب سعد الحلي، كما اعتزل الغناء مطرب الناصرية حسين نعمة واتجه الى الفنون التشكيلية، اما المطرب د.البغدادي سعدون جابر، فقد قضت عليه اغنية غناها إبان الغزو نصرة لصدام عنوانها «يا شعبنا اليعربي مكة وبيت النبي» كما اعتزل المطرب البغدادي د.فاضل عواد احمد الجنابي الغناء وتفرغ للتدريس وهو صاحب اغان شهيرة مثل «لا خبر» و«يا نجوم صيدني قلايد» ولم يبق إلا المطرب الموصلي كاظم جبار ابراهيم الشهير بكاظم الساهر وهو شيعي المولد قومي الهوى حتى انه سمى ابنه بعمر كحال الزميل حسن العلوي الذي اشتهر عام 89 بأغنية «عبرت الشط» وما اجمل الغناء العراقي الشجي كلاما وألحانا وغناء!
***
آخر محطة: (1) بث تلفزيون الشرقية العراقي لصاحبه الزميل سعد البزاز مسلسل من 30 حلقة عن عفيفة اسكندر اسماه «فاتنة بغداد» وضمنه علاقتها بالملحن الشهير صالح الكويتي الذي بلغ من حساسية المحطة ان شوهت التاريخ وغيرت اسمه الى «صالح افندي» وكلمة افندي لا تعني شيئا بينما اطلقت اسرائيل اسمه واسم شقيقه داود على احد أهم شوارع تل ابيب دون حساسية من اسم.. الكويتي!
(2) ولد صالح (1908ـ1986) وداود (1910ـ1976) في الكويت وعاشا فيها قبل انتقالهما لبغداد لدراسة الموسيقى حيث استقرا هناك واصبحا اشهر ملحنين فيها ولحنا حتى لأم كلثوم وعبدالوهاب وفتحية أحمد وهم اشهر مطربي مصر في ذلك الوقت، ومن الأغاني الشهيرة والتراثية الباقية لهم «فوق النخل فوق» و«خدري الجاي خدريه» و«قولي يا حلو» وألف لحنا آخر، وهاجر لإسرائيل عام 1950 بعد عمليات التعدي على اليهود العراقيين وانتشار ظاهرة «الفرهود» وظلا يلحنان الأغاني العربية لاذاعة اسرائيل.
(3) نرجو ان تقوم الحكومة ووزارة الصحة بالعناية ورد الجميل للمايسترو الذهبي الأستاذ الكبير محمد سعيد البنا الذي اطربت ألحان اغانيه الكويت لمدة نصف قرن ،ام ان الجحود ونكران الجميل اصبحا صفة لاصقة وسائدة بالبلد وحكومته؟! كفو.