هي رشيدة قبل أن يتم تشكيلها. أتحدث عن حكومة الكويت. و”رشيدة” هنا اسم. لم تعد صفة. كأن تقول “الوشيحي الطويل” أو “راشد الضخم” أو “فهد اللص”…
ولن تخرج هذه الرشيدة، أو هذه الحكومة، عن الخط المرسوم للرشيدات السابقات، الذي حفظناه عن قهر غيظ، ومخطئ من يظن أن “اتفاق الطائف” يسري على لبنان وحده. الكويت كذلك. هي فراغات يعبئها رئيس الحكومة: ستة أو سبعة شيوخ من الأسرة الحاكمة، وثلاثة من الحضر، واثنان من الشيعة، وثلاثة أو أربعة من القبائل، عجمي، ومطيري، ورشيدي، وعازمي، مع فوارق طفيفة لا تكاد تُرى بالعين المجردة. ثم ماذا؟ ثم فساد بأرقام أولمبية.
كنا سابقاً نهتم. كنا ننتظر حول عين الماء أخبار القوافل والركبان عن تشكيل الرشيدة. كنا نفرح باختيار هذا، ونغضب لاختيار ذاك. كنا نعول كثيراً على بعض الأسماء، ونحمّلها أمانينا الكبار وأحلامنا الثقيلة… اليوم، لم نعد نبالي.
تضاءلت أحلامنا، فبعد أن كنا نحلم باصطياد أفضل الأسماك، بتنا نخاف على سلة أسماكنا. وبعد أن كانت الكويت نجمة الحفل، صارت تستجدي دخول المسرح والجلوس ولو في الصف الأخير. خذلان يتلوه خذلان… لم نعد نبالي.
يرعبني سؤالان: “لا مبالاتنا… هل هي دليل على موت وطنيتنا؟”… “أعلم أن السارق لا يحب المسروق، وسارق البلد لا يحبه، لكن ماذا عمن لم يسرق، لكنه يسكت عمن يسرق؟”.
ضحكنا على أوضاعنا. سخرنا من أنفسنا، كما يفعل الحشاشون في غرزة نائية. توالت خيباتنا. وعلماء النفس يحذرون: “توالي الخيبات يقود إلى اليأس القاتل”. لذلك طرحت المعارضة مشروعها الإصلاحي للنقاش، مشروعها الذي ينص على أن تولد الحكومة من رحم البرلمان، الذي يولد من رحم الشعب… هو مشروع حياة أو موت. حياة بلد وموته… فبعد أن كنا نضع أيدينا على خدودنا انتظاراً لرؤية “رشيدة”، التي لم يكن لنا دور في شكلها ولا لبسها ولا شعرها ولا حتى اكسسواراتها، قررنا أن نكون نحن، الشعب، المسؤولين عن كل تفاصيلها… هو مشروع يجعل أمر “رشيدة” في يد وليّها، الشعب.